الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخلافهم هذا مبني على الخلاف في موجب العمد (1)، هل هو القود عينا، أو أحد شيئين لا بعينه: القود أو الدية، أو القود عينا مع التخيير بينه وبين الدية وإن لم يرض الجاني؟ وهذا القول مفرعّ على القول الثاني، وهو أن موجب العمد أحد شيئين: القود أو الدية (2).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف في المسألة.
[55/ 7] إذا قال المجني عليه: عفوت عن الجناية وما يحدث منها كان عفوا عن دية النفس:
• المراد من المسألة: إذا قال المجني عليه بجراحة: عفوت عنها وعما يحدث منها، صح هذا العفو منه، فيسقط القود والدية إن مات بعدها.
• من نقل الإجماع: قال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): من قطع يد إنسان، أو شجه موضحة فقال المجني عليه عفوت عن القطع، أو عن الشجة، فإن اقتصر جاز العفو بالاتفاق، وإن سرى إلى النفمس، فالعفو باطل في قول أبي حنيفة وفي القياس يلزمه النقصان وفي الاستحسان تلزمه الدية في ماله وقال أبو يوسف ومحمد العفو صحيح ولا شيء عليه، وأما إذا قال: عفوتك عن الجناية أو الشجة وما يحدث منها أو عن القطع وما يحدث منه، صح العفو بالاتفاق (3).
وقال الإمام الكاساني (587 هـ): وإن سرى إلى النفس ومات فإن كان العفو بلفظ الجناية أو بلفظ الجراحة وما يحدث منها صح بالإجماع ولا شيء على القاتل (4). وله لفظ آخر قريب من هذا (5).
(1) ينظر: المبسوط (26/ 102)، روضة الطالبين (9/ 242)، المبدع (9/ 411)، زاد المعاد (3/ 399).
(2)
ينظر: روضة الطالبين (9/ 239)، زاد المعاد (3/ 399).
(3)
المبسوط (26/ 154).
(4)
بدائع الصنائع (8/ 94).
(5)
قال الإمام الكاساني: ولو قطع يده فعفا المقطوع عن القطع ثم سرى إلى النفس ومات فإن عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه أو الجراحة وما يحدث منها فهو عن النفس بالإجماع. بدائع الصنائع (8/ 178).
وقال الإمام العَيني (855 هـ): (ولأن اسم القطع يتناول). . . (الساري والمقتصر فيكون العفو عن قطع عفوا عن نوعيه وصار كما إذا عفا عن الجناية فإنه يتناول الجناية السارية والمقتصرة) بلا خلاف (1).
وقال الإمام ابن نُجيم (970 هـ): ولو قال: عفوت عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه كان عفوا عن دية النفس بالإجماع (2).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع المالكية في المشهور (3)، والشافعية في قول (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
أنّ سبب ثبوت الحقّ الشّجّة ولولاه لما صحّ العفو عن الجناية، أو عن الجراحة وما يحدث منها، فإذا عفي عن الشّجّة صار أصل السّبب هدرا، فالسّراية الّتي تنبني عليه تكون هدرا أيضا (6).
2 -
أنّه إسقاط للحقّ بعد انعقاد سببه، فسقط، كما لو أسقط الشّفعة بعد البيع (7).
• من خالف الإجماع: خالف في هذه المسألة المالكية في القول الآخر (8)، والشافعية في القول الظاهر عندهم (9)، والحنابلة في رواية (10)، وابن حزم من
(1) البناية (12/ 172).
(2)
البحر الرائق (8/ 360).
(3)
ينظر: الكافي لابن عبد البر (2/ 1099)، جامع الأمهات (1/ 498).
(4)
ينظر: روضة الطالبين (9/ 243 - 244)، مغني المحتاج (5/ 291 - 292).
(5)
ينظر: المغني (8/ 359)، والإنصاف (10/ 10 - 11).
(6)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 155).
(7)
ينظر: المغني (8/ 359).
(8)
ينظر: مواهب الجليل (5/ 86 - 87)، منح الجليل (6/ 165 - 166).
(9)
ينظر: روضة الطالبين (9/ 244)، مغني المحتاج (5/ 291 - 292).
(10)
ينظر: الكافي لابن قدامة (3/ 281)، المبدع (7/ 347).