الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها فاختصموا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دية جنينها غرة عبد أو أمة وليدة (1).
• وجه الدلالة: أن الحديث جاء مطلقًا، ولم يقيد بكون أم الجنين حرّة أو أمة، يقول ابن حزم: ولم يقل صلى الله عليه وسلم إن هذا إنما هو في جنين الحرة، فلا يحل لأحد أن يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علم ما لم يقل، ولا أن يخبر عنه بما لم يخبر به عن نفسه، ومن فعل هذا فقد قال عليه ما لم يقل (2).
2 -
أن الغرة الواجبة تبع لإسلام وحرية الجنين، فإذا كان الجنين حرًّا مسلما، سواء كانت أمه حرّة أو أمة، فإنه يكون يكون حرّا (3).
ججج صحة الإجماع لعدم وجود المخالف، واللَّه أعلم.
[159/ 7] في جنين الكتابية عُشر دية أمِّه:
• المراد من المسألة: أن الجنين المجني عليه الذي يسقط ميتا إذا كان محكوما بكفره بأن كانت أمه كتابية، وليس أبوه مسلما، فإن الواجب فيه غرّة، وقيمتها عشر دية أمه.
• من نقل الإجماع (4): قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمعوا إذ لا أعلم
(1) تقدم تخريجه، وهو في الصحيحين.
(2)
ينظر: المحلى (11/ 38).
(3)
ينظر: المنتقى للباجي (7/ 83)، المغني (8/ 405).
(4)
النص الوارد عن الإمام ابن المنذر في جنين الكتابية في المصادر التي نقل منها، هكذا بإطلاق، ولم يحدّده بكون الكتابية التي تكون تحت المسلم، أو تحت كافر، بينما نقله ابن قدامة في الكتابية التي يحكم على جنينها بالكفر، كما لو كانت تحت كافر، كما هو مبين على التفصيل في النقل عن ابن قدامة.
فيها خلافا أن في جنين اليهودية والنصرانية عشر دية أمه (1).
وقد نقله عنه الإمام موفق الدين ابن قدامة (620 هـ)، فقال: فأما قول الخرقي: (من حرة مسلمة) فإنما أراد أن جنين الحرة المسلمة لا يكون إلا حرّا مسلما، فمتى كان الجنين حرا مسلما، ففيه الغرة، وإن كانت أمه كافرة أو أمة، مثل أن يتزوج المسلم كتابية، فإن جنينها منه محكوم بإسلامه، وفيه الغرة، ولا يرث منها شيئًا؛ لأنه مسلم، وولد السيد من أمته وولد المغرور (2) من أمة حر، وكذلك لو وطئت الأمة بشبهة، فولدها حر، وفيه الغرة. فأما إن كان الجنين محكوما برقه، لم تجب فيه الغرة، وسيأتي بيان حكمه، وأما جنين الكتابية والمجوسية إذا كان محكوما بكفره، ففيه عشر دية أمه. وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
قال ابن المنذر: ولم أحفظ عن غيرهم خلافهم؛ وذلك؛ لأن جنين الحرة المسلمة مضمون بعشر دية أمه، فكذلك جنين الكافرة، إلا أن أصحاب الرأي يرون أن دية الكافرة كدية المسلمة، فلا يتحقق عندهم بينهما اختلاف (3).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع المنقول الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية في أحد الوجوه عندهم (6).
(1) الإجماع (ص: 126)، وانظر: الأوسط (13/ 379)، الإشراف على مذاهب أهل العلم (8/ 18).
(2)
المغرور: هو الرجل يزوِّج رجلا مملوكة على أنها حرة، فقضى أن يغرم الزوج لمولى الأمة غرة، ويكون ولدها حرّا، ويرجع الزوج على من غرّه بالغرم. ينظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 356).
(3)
المغني (8/ 405).
(4)
ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 464)، المبسوط للسرخسي (26/ 89).
(5)
ينظر: التهذيب (4/ 577)، بداية المجتهد (4/ 198).
(6)
ينظر: نهاية المطلب (16/ 600)، الوسيط (6/ 383)، روضة الطالبين (9/ 370).
• مستند الإجماع: دليل هذا الإجماع المنقول القياس في قيمة الغرة بين جنين المسلمة وجنين الكتابية، فكما أن قيمة الغرة في جنين المسلمة تساوي عشر دية أمه فكذلك يكون جنين الكتابية يساوي عشر دية أمه (1).
قال الحافظ ابن حجر: واستدل به -أي: حديث المرأتين الهذلتين المتقدم- على أن الحكم المذكور خاص بولد الحرة؛ لأن القصة وردت في ذلك، وقد تصرف الفقهاء في ذلك فقال الشافعية: الواجب في جنين الأمة عشر قيمة أمه، كما أن الواجب في جنين الحرة عشر ديتها، وعلى أن الحكم المذكور خاص بمن يحكم بإسلامه، ولم يتعرض لجنين محكوم بتهوّده أو تنصّره، ومن الفقهاء من قاسه على الجنين المحكوم بإسلامه تبعا، وليس هذا من الحديث (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الشافعية في أحد الأوجه، حيث إن في المذهب في هذه المسألة ثلاثة أوجه، الأول ما تقدم ذكره، والثاني: أنه لا شيء فيه، والثالث -وهو الأصح عندهم وبه قطع جمهورهم-: أن الواجب فيه ثلث غرة المسلم، وحجة أصحاب هذا الوجه هو القياس بأصل الدية فكما أن دية النصراني واليهودي تساوي ثلث دية المسلم، فكذلك جنين النصراني واليهودي تساوي ثلث الغرة (3).
كما خالف هذا الإجماع المنقول الإمام ابن حزم من الظاهرية، حيث يرى أنه يجب في جنين الكتابية غرة عبد أو أمة، كما هو في جنين المسلمة، ولا تقدّر بعشر دية أم الجنين، وحجته: عموم وإطلاق الأحاديث التي توجب الغرة في جنين المرأة، والتي سبق ذكرها في مسألة سابقة، فلم يقل صلى الله عليه وسلم أن هذا إنما هو في جنين الحرة فقط أو في جنين المسلمة فقط، فلا يحل لأحد أن يقول رسول
(1) ينظر: المغني (8/ 405).
(2)
فتح الباري (12/ 252).
(3)
ينظر: نهاية المطلب (16/ 599 - 600)، الوسيط (6/ 383)، وروضة الطالبين (9/ 370).