الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[57/ 9] لا يجبر القاتل على افتداء نفسه من القصاص بعين ما يملكه من عبد أو دار أو نحو ذلك:
• المراد من المسألة: أن الفقهاء اختلفوا في وجوب قبول القاتل دفع الدية لافتداء نفسه إذا طلبها وليّ المقتول (1)، بينما هم يتفقون في أن القاتل لا يلزم بافتداء نفسه بعين ما يملكه من دار أو عبد أو نحو ذلك.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطحاوي (321 هـ): أجمعوا أن الولي لو قال للقاتل: قد رضيت أن آخذ دارك هذه على أن لا أقتلك أن الواجب على القاتل فيما بينه وبين اللَّه تسليم ذلك له وحقن دم نفسه فإن أبى لم يُجبر عليه باتفاقهم على ذلك ولم يؤخذ منه ذلك كرها فيدفع إلى الولي. . . وأجمعوا جميعا: أن ولي المقتول لو طلب من القاتل داره أو عبده على أن يأخذ ذلك منه، ويرفع القود عنه أن على القاتل فيما بينه وبين ربه أن يفعل ذلك، وأنه غير مجبر عليه إن أباه (2).
وقد نقله عنه الإمام ابن حجر (852 هـ)(3)، ولم يتعقبه بشيء.
• من وافق الإجماع: هذا الاتفاق الذي حكاه الطحاوي مفرّع على الاختلاف في مسألة إجبار القاتل على قبول دفع الدية إذا عفا ولي الدم، وقد ذكره إلزاما لمن يقول بإجباره، استدلالا منه بموطن الاتفاق على موضع النزاع، وعليه فالفقهاء الذين لا يرون إجباره كالحنفية (4)، والمالكية في المشهور (5)، والشافعي في القديم (6)، والحنابلة في رواية (7)، يلزم على مقتضى مذهبهم أن
(1) ينظر هذا الاختلاف في: شرح مشكل الآثار (12/ 418)، المغني (8/ 360)، فتح الباري لابن حجر (12/ 209).
(2)
شرح مشكل الآثار (12/ 418).
(3)
فتح الباري لابن حجر (12/ 209).
(4)
ينظر: تبيين الحقائق (6/ 99)، البحر الرائق (8/ 331).
(5)
ينظر: الذخيرة (12/ 413)، مواهب الجليل (6/ 234).
(6)
ينظر: روضة الطالبين (9/ 239).
(7)
ينظر: الإنصاف (10/ 5).
لا يجبرونه على افتداء نفسه بعين ما يملكه من دار أو عبد، وأما من قال بأن الجاني يجبر على قبول الدية، كسعيد بن المسيّب (1)، وابن سيرين (2)، وعطاء، ومجاهد (3)، وإسحاق (4)، وأبي ثور، وابن المنذر (5)، وأشهب (6) من أصحاب مالك (7)، والشافعية (8)، والحنابلة في المشهور (9)، فلم نقف لهم على نص في خصوص هذه المسألة بعينها.
ججج تقدم أنه بعد البحث لم نقف على نص للقائلين بإجبار الجاني على قبول دفع الدية في خصوص هذه المسألة، وعليه فالذي يظهر -والعلم عند اللَّه- أن إثبات الإجماع في هذه المسألة عَسِر، ذلك أنه لا يبعد أن يلتزم أحد هؤلاء إجباره على دفع داره أو عبده لافتداء نفسه إذا لم يكن له مال، ويعامل معاملة
(1) سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، فقيه المدينة، أجلّ التابعين، توفي سنة 94 هـ، وقيل غير ذلك. تذكرة الحفاظ (1/ 54)، تقريب التهذيب (2396).
(2)
محمد بن سيرين الأنصاري أبو بكر بن أبي عمرة البصري، تابعي محدث، وفقيه مجتهد، ت 110 هـ. الكاشف (رقم: 4898)، تقريب التهذيب (رقم: 5947).
(3)
مجاهد بن جَبْر أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي، تابعي محدث، ومفسّر، وفقيه، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث ومائة. الكاشف (رقم: 5289)، تقريب التهذيب (رقم: 6481).
(4)
إسحاق بن إبراهيم بن مخْلد الحنظلي، أبو محمد ابن راهويه المروزي، أحد الحُفّاظ المجتهدين، قرين الإمام أحمد في الحديث والفقه، ت 238 هـ. وله اثنتان وسبعون سنة. انظر: تهذيب الكمال (2/ 373)، السير (11/ 358).
(5)
ينظر: المغني (8/ 360).
(6)
أشهب بن عبد العزيز بن داود أبو عمر القيسي، فقيه من أصحاب مالك، له المدونة وغيرها، ت 204 هـ. ينظر: ترتيب المدارك (3/ 262)، الديباج المذهب (1/ 307).
(7)
ينظر: الذخيرة (12/ 413)، مواهب الجليل (6/ 234).
(8)
ينظر: البيان للعمراني (11/ 431)، روضة الطالبين (9/ 239)، مغني المحتاج (5/ 288).
(9)
ينظر: المغني (8/ 360)، الإنصاف (10/ 4).