الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يعلم أنه لولا الإمساك لم يقدر القاتل على قتله. اهـ (1).
قال الشيخ عُلَيش (2): وتبعه ابن عرفة (3)، وزاد: يؤيده قول المدونة: إذا حمل على ظهر آخر شيئا في الحرز فخرج به الحامل، فإن كان لا يقدر على إخراجه إلا بحمل الحامل عليه قطعا معا، وإن كان قادرا على حمله دونه قطع الخارج فقط، وظاهر كلام ابن الحاجب (4) أن هذا الشرط مقابل للمشهور، وأقرّه الموضح. وقال ابن عرفة: إطلاق ابن الحاجب إيجاب الإمساك القود بلا قيد متعقب. اهـ. واللَّه أعلم (5).
فظاهر ما قاله الشيخ عليش في قوله (وظاهر كلام ابن الحاجب أن هذا الشرط مقابل للمشهور)، يفيد أن في المذهب قولا مشهورا وآخر غير مشهور، وأن اشتراطه خلاف المشهور حسب ما تقتضيه عبارة ابن الحاجب.
ججج الذي يظهر لي -والعلم عند اللَّه- صحة الإجماع في هذه المسألة، واللَّه أعلم.
[22/ 2] سقوط القصاص عن العامد إذا شاركه في الجناية مخطئ
.
• المراد من المسألة: إذا اشترك اثنان في قتل رجل، فلا يخلو أمرهما من ثلاث حالات:
(1) عقد الجواهر الثمينة (3/ 228).
(2)
محمد بن أحمد بن محمد عُلَيش، أبو عبد اللَّه، فقيه مالكي، له فتح العلي المالك، ت 1299 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (6/ 19)، معجم المؤلفين (9/ 12).
(3)
محمد بن محمد بن محمد بن عرفة أبو عبد اللَّه الورغميّ التونسي، مفسر، وفقيه مالكي، له المختصر الفقهي، وغيره، ت 803 هـ. ينظر: الضوء اللامع (9/ 240)، شذرات الذهب (9/ 61).
(4)
قال ابن الحاجب (ص: 489): (والتسبب كحفر بئر. . . وكالإمساك للقتل، وقيل: يشترط أن يعلم أنه لولا هو لم يقدر).
(5)
منح الجليل (9/ 25).
الأولى: أن يكون كل واحد منهما لو انفرد وجب عليه القصاص، كالحرين إذا اشتركا في قتل حر.
الثانية: أن يكون كل واحد منهما لو انفرد لم يجب عليه القصاص، كالحرين إذا اجتمعا على قتل عبد.
الثالثة: أن يجب القصاص على أحدهما إذا انفرد، ولا يجب القصاص على الآخر إذا انفرد، وهذه لها حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون من سقط عنه القصاص إذا انفرد لمعنى في نفسه كالصبي والمجنون ونحوهما.
الحالة الثانية: أن يكون من سقط عنه القصاص إذا انفرد لمعنى في فعله، كالمخطيء.
وهذا القسم الأخير هو محل الإجماع المحكي في هذه المسألة، وصورتها أن يجتمع على قتل أحد عامد ومخطيء.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الحسين بن مسعود البغوي (516 هـ): وإذا اشترك رجلان في قتل رجل واحد، وأحدهما مخطئ، فلا قصاص على العامد في النفس بالاتفاق (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (2)، والمالكية في المشهور (3)، والحنابلة في المشهور (4).
• مستند الإجماع:
1 -
القياس على القتل شبه العمد، بجامع أن فعل المخطيء لم يتمحض
(1) شرح السنة للإمام البغوي (10/ 185).
(2)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 235)، البحر الرائق (8/ 343)، مجمع الأنهر (2/ 620).
(3)
ينظر: التاج والإكليل (8/ 308)، شرح الخرشي (8/ 11)، منح الجليل (9/ 29).
(4)
ينظر: المغني (8/ 297)، الإنصاف (9/ 458)، كشاف القناع (5/ 520).
عمدا، كفعل القاتل في شبه العمد (1).
2 -
أن الزهوق حصل بفعلين: أحدهما يوجبه، والآخر ينفيه، فغلَب المسقط (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول المالكية في رواية (3)، والحنابلة في رواية (4).
قال القاضي عبد الوهاب: ولا يسقط القود في قتل العمد بأن يشارك في الدم من لا قود عليه، أو من لا قود بفعله كالكبير والصغير والعامد والمخطئ والعاقل والمجنون (5).
ونقل عن الشافعي القول به، واختاره من أصحابه المزني (6)، قال النووي: حكى الروياني في "جمع الجوامع" أنه قيل: إن للشافعي رحمه الله قولا أنه يجب القصاص على شريك المخطئ، ذكره المزني في العقارب، وتمنى الإمام أن يكون هذا قولا في المذهب، والمشهور المنصوص في كتب الشافعي وقطع به الأصحاب، أنه لا قصاص (7).
وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها بعض أصحابه (8).
ججج لا يصح الإجماع المنقول في هذه المسألة لما سبق من الخلاف المنقول فيها، والعلم عند اللَّه.
(1) ينظر: المغني (8/ 297).
(2)
ينظر: مغني المحتاج (4/ 246).
(3)
ينظر: التلقين (2/ 185)، المنتفى للباجي (7/ 72).
(4)
ينظر: المغني (8/ 297)، الإنصاف (9/ 458).
(5)
التلقين (2/ 185).
(6)
إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم أبو إبراهيم المزني المصري، محدث وفقيه شافعي، له المختصر الفقهي، ت 264 هـ. السير (12/ 492)، شذرات الذهب (2/ 148).
(7)
روضة الطالبين (9/ 161)، وانظر: نهاية المطلب (16/ 77).
(8)
ينظر: الإنصاف (9/ 458).