الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبي قلابة عبد اللَّه بن زيد الجرمي (1)، وعمر بن عبد العزيز، والحكم بن عتيبة، وهو رواية عن قتادة، وهو قول مسلم بن خالد الزنجي (2) وفقهاء أهل مكة، وإليه ذهب ابن علية (3).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة، وذلك لوجود المخالف، ولعل من نقل الإجماع من الأئمة إنما مراده الأئمة الأربعة، وهذا ظاهر في قول القرافي:(وإجماع الأئمة لا إجماع الأمة)، واللَّه أعلم.
[244/ 2] إذا لم يرض الورثة بيمين المدعى عليه، فدى الإمام القتيل من بيت المال
• المراد من المسألة: إذا لم يرض أولياء القتيل بأيمان المدّعى عليهم بالقتل في القسامة، فإن ولي أمر المسلمين يدفع ديته من بيت المال.
• من نقل الإجماع: قال الشيخ ابن قاسم (1392 هـ): وإن لم يرض الورثة بيمين المدعى عليه، فدى الإمام القتيل من بيت المال بلا نزاع، وخلّي عن المدعى عليه (4).
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول بما روي عن سهل بن أبي حثمة، قال: انطلق عبد اللَّه بن سهل، ومحيصة بن مسعود بن زيد، إلى خيبر وهي يومئذ صلح، فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد اللَّه بن سهل وهو يتشمط في دمه قتيلا، فدفنه ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل، ومحيصة، وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال:"كبِّر كبِّر" وهو أحدث القوم،
(1) عبد اللَّه بن زيد، أبو قلابة الجرميّ، البصري، تابعي محدث فقيه، ت 104 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (4/ 468)، شذرات الذهب (2/ 23).
(2)
مسلم بن خالد أبو خالد الزنجي المكيّ، محدث وفقيه، ت 180 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (8/ 176)، شذرات الذهب (2/ 358).
(3)
ينظر: شرح ابن بطال (8/ 532)، الاستذكار (8/ 208)، فتح الباري (12/ 232).
(4)
(7/ 298).
فسكت فتكلما، فقال:"تحلفون وتستحقون قاتلكم، أو صاحبكم"، قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين"، فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده (1).
فهذا دليل على أن المدّعين إذا امتنعوا عن اليمين، ولم يقبلوا يمين المدعى عليهم، فإن الإمام يفديه من بيت مال المسلمين كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول المالكية، والشافعية، فذهبوا إلى أنه لا يلزمهم شيء، حيث إن المدعين لم يرضوا بأيمانهم، ولم يحلفوا هم، وأن ما فدى به النبي صلى الله عليه وسلم الأنصاري إنما وداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قطعا للنزاع وإصلاحا لذات البين؛ فإن أهل القتيل لا يستحقون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم، وقد امتنعوا من الأمرين وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد صلى الله عليه وسلم جبرهم وقطع المنازعة وإصلاح ذات البين بدفع ديته من عنده (2).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة، وذلك لوجود المخالف، والذي يظهر -والعلم عند اللَّه- أن مراد الشيخ ابن قاسم أنه لا نزاع في المذهب، فهو اتفاق مذهبي، ومما يؤيد ذلك ما نقله الإمام المرداوي في الإنصاف -وابن قاسم في حاشيته كثير الاستفادة منه- حيث قال:(قوله فإن لم يحلف المدعون، ولم يرضوا بيمين المدعى عليه فداه الإمام من بيت المال) بلا نزاع (3)، ومراده: بلا نزاع بين الأصحاب؛ إذ هو المراد بكتابه أصالة، واللَّه أعلم.
(1) تقدم تخريجه، وهو في الصحيحين.
(2)
ينظر: عمدة القاري (15/ 96)، المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم (5/ 15)، شرح النووي على مسلم (11/ 148).
(3)
الإنصاف (10/ 148).