الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال:"إذا ضرب الرجل حتى يذهب سمعه ففيه الدية"(1). ولا مخالف لهما من الصحابة (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الإمام ابن حزم من الظاهرية حيث يرى إنه لا شيء في ذهاب السمع بالخطأ، لأن الأموال محرمة، إلا بنص أو إجماع، وأما في العمد، فإن أمكن القصاص منه بمثل ما ضرب فواجب، ويصب في أذنه ما يبطل سمعه، مما يؤمن معه موته، فيرى أن هذا هو القصاص.
وأما دعوى الإجماع فقد أبطلها، حيث ذكر أنه لم يثبت عن الصحابة شيء في السمع غير رواية أبي قلابة عن عمر، وقد ضعفها فقال: أبو قلابة لم يدرك عمر، وقد روى عن بعض التابعين غير وجوب الدية في ذهاب السمع فقال عن مجاهد: في ذهاب السمع خمسون، وروى عن عطاء: لم يبلغني في السمع شيء (3).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف في المسألة، ويمكن توجيه النصوص التي نقلت الإجماع بأن بعضها وجد قبل وجود ابن حزم كابن المنذر، وبعضها يقتصر في نقله على المذاهب الأربعة كابن هُبيرة، وبعضها -من خلال استقراء الكتاب- لا ينقل لابن حزم رأيا أصلا، لا في حالة الاتفاق ولا في حالة الاختلاف كابن قدامة.
[224/ 4] في ذهاب الشمّ الدية
.
• المراد من المسألة: أن الجناية على حاسّة الشمّ بإذهابه توجب دية كاملة.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): مسألة: (قال: وفي المشام الدية) يعني الشم في إتلافه الدية؛ لأنه حاسة تختص بمنفعة فكان فيها
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (26890)، والبيهقي في السنن الكبرى (16225).
(2)
ينظر: البيان (11/ 520).
(3)
ينظر: المحلى (11/ 74 - 75).
الدية كسائر الحواسّ، ولا نعلم في هذا خلافا (1).
وقد نقله عنه الشيخ ابن قاسم (1392 هـ)(2).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (3)، والمالكية في الرواية المشهورة عندهم (4)، والشافعية على الصحيح المشهور (5).
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول بما يلي:
1 -
عن عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الشم الدية"(6).
2 -
أنه حاسة تختص بمنفعة وهي إدراك الروائح الطيبة والتفرقة بين الرائحة الطيبة والخبيثة، وبفوات هذه الحاسة تفوت تلك المنفعة فكان فيها الدية كسائر الحواس (7).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول المالكية في رواية، والشافعية في وجه غريب ضعفه النووي حيث ذهبوا إلى أن: فيه حكومة (8).
ومن حججهم: أن الانتفاع بالشم من استنشاق الدماغ للطيب، والتأذي
(1) المغني (8/ 444).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 261).
(3)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 311 - 312)، البحر الرائق (8/ 377).
(4)
ينظر: التاج والإكليل (8/ 338)، منح الجليل (9/ 108).
(5)
ينظر: نهاية المطلب (16/ 355)، روضة الطالبين (9/ 295).
(6)
قال ابن الملقن: هذا الحديث غريب، لا أعلم من خرجه لا من هذا الوجه، ولا من غيره بعد البحث عنه، وكأن الرافعي قلد الماوردي في إيراده فإنه قال: حكى بعض الرواة عن عمرو بن حزم أنه عليه الصلاة والسلام قال: "وفي الشم الدية". ينظر: البدر المنير (8/ 462)، قال عنه ابن حجر: لم أجده في النسخة، وإنما فيها:"وفي الأنف إذا أوعب جدعا مائة من الإبل"، وفي رواية:"وفي الأنف إذا استؤصل المارن الدية كاملة". ينظر: التلخيص الحبير (4/ 57).
(7)
ينظر: المغني (8/ 444)، البحر الرائق (8/ 377).
(8)
ينظر: التاج والإكليل (8/ 338)، منح الجليل (9/ 108)، نهاية المطلب (16/ 355)، روضة الطالبين (9/ 295).