الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فنزى منها فمات، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذين ادعى عليهم: أتحلفون باللَّه خمسين يمينا ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا من الأيمان، فقال للآخرين: احلفوا أنتم، فأبوا، فقضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشطر الدية على السعديين (1).
ججج صحة الإجماع في المسألة، وذلك لعدم وجود المخالف.
[252/ 10] قول المقتول دمى عند فلان بمفرده لا يوجب القسامة
• المراد من المسألة: أن قول المقتول: دمي عند فلان وإن اختلف فيه الفقهاء هل يعدّ من اللَّوث (2) الذي تجب به القَسامة (3) إلا أنهم متفقون على أن مجرد هذا القول بمفرده لا يوجب شيئا.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): وقد أجمع المسلمون أنه لا يعطى مدعي الدم شيئا دون قسامة، وأجمعوا أن شريعة المسلمين وسنتهم في الدماء والأموال لا يقضى فيها بالدعاوى المجردة، وأجمع العلماء أن قول المقتول عند موته دمي عند فلان لو قال حينئذ: وَلِي عليه مع هذا أو على غيره درهم فما فوقه لم يقبل قوله في الدرهم، ولم يَحلف على قوله أحد من ورثته فيستحقه! فأيّ سنة في قول المقتول دمي عند فلان؟ بل السنة المجتمع عليها بخلاف ذلك (4).
(1) أخرجه مالك في الموطأ -رواية يحيى بن يحيى- (3150)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 218) رقم (16452).
(2)
اللَوث: قرينة تقوّى جانب المدّعي، وتغلّب على الظن صدقه، مأخوذ من اللوث، وهو القوة. تحرير ألفاظ التنبيه (ص: 339).
(3)
الخلاف بين مالك والجمهور. ينظر: الاستذكار (8/ 198)، المغني (501/ 8).
(4)
الاستذكار (25/ 326).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): وسئل رحمه الله، عما إذا قال المضروب: ما قاتلي إلا فلان فهل يقبل قوله أم لا؟ فأجاب: الحمد للَّه رب العالمين لا يؤخذ بمجرد قوله بلا نزاع، ولكن هل يكون قوله لوثا يحلف معه أولياء المقتول خمسين يمينا ويستحقون دم المحلوف عليه؟ على قولين مذكورين للعلماء: أحدهما: أنه ليس بلوث وهو مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة، والثاني: أنه لوث وهو قول مالك (1).
وسئل رحمه الله عن رجل تخاصم مع شخص، فراح إلى بيته فحصل له ضعف، فلما قارب الوفاة أشهد على نفسه أن قاتله فلان، فقيل له: كيف قتلك؟ فلم يذكر شيئا، فهل يلزمه شيء أم لا؟ وليس بهذا المريض أثر قتل ولا ضرب أصلا، وقد شهد خلق من العدول أنه لم يضربه، ولا فعل به شيئا، فاجاب: أما بمجرد هذا القول فلا يلزمه شيء بإجماع المسلمين (2).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (3)، والشافعية (4)، حيث إن الفقهاء الأربعة عدا مالكا لا يرون قول المقتول: دمي عندي فلان ونحوه لوثا تجب معه القسامة، فمن باب أولى ألا يجب شيء بمجرد ذلك القول.
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول بما يلي:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"(5).
2 -
أنه يدّعي حقا لنفسه، فلم يقبل قوله، كما لو لم يمت؛ ولأنه خصم، فلم تكن دعواه لوثا، كالولي (6).
(1) الفتاوى (34/ 151).
(2)
الفتاوى (34/ 153 - 154).
(3)
ينظر: مختصر اختلاف العلماء (5/ 184)، البناية (13/ 328).
(4)
ينظر: الحاوي للماوردي (13/ 8)، المهذب (3/ 429).
(5)
تقدم تخريجه، وهو في صحيح مسلم.
(6)
المغني (8/ 501).