الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسقطه علقة فصاعدا، وأما إن أسقطت نطفة دون العلقة فليس بشيء، لا تنقضي بذلك عدة.
وحجته: قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث اللَّه إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ "(1)، ثم قال: معناه خلق الجملة التي تنقسم بعد ذلك سمعا وبصرا وجلدا ولحما وعظاما - فصح أن أول خلق المولود كونه علقة لا كونه نطفة، وهي الماء (2).
ومن هنا يمكن استنتاج أن ابن حزم يرى في الجنين إذا بلغ مرحلة العلقة طبقت عليه جميع الأحكام الخاصة بالجنين من انقضاء العدة ووجوب الغرة ونحو ذلك.
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف في المسألة.
[154/ 2] وجوب الغُرّة في الجنين الذي يسقط ميتا مع حياة أمه:
• المراد من المسألة: أن من جنى على حامل فأسقطت جنينا ميتا وهي حية، فإن الواجب في دية الجنين غُرّة.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على الضارب بطن المرأة فتطرح جنينا ميتا لوقته الغرة (3).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): أجمع العلماء أن الغرة تجب في الجنين الذي يسقط من بطن أمه ميتا وهي حية في حين سقوطه، وأن الذكر والأنثى في ذلك سواء، في كل واحد منهما الغرّة (4).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (2645).
(2)
ينظر: المحلى (10/ 47).
(3)
الإجماع (ص: 127).
(4)
الاستذكار (25/ 78)، وانظر: الاستذكار (25/ 81)، (25/ 88)، التمهيد (6/ 482).
وقال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): فأما النقصان فنقول بدل النفس قد ينقص عن أعلى الديات باعتبار معنى موجب للنقصان في المحل، (ألا ترى) أنه ينقص بالأبوة، وبالكفر عن أصل الخصم، وبالاجتنان في البطن بالاتفاق (1).
وقال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): ثم هذه الآثار دليل لنا على أن الدية تتقدر بعشرة آلاف لأن بدل الجنين بالاتفاق نصف عشر الدية (2).
وقال الإمام القرافي (684 هـ): الأثر الخامس المرتب على الجناية غرة الجنين. . . وقال (ح) لا شيء فيه. . . احتجوا بأنه عضو من أعضائها ولو قطع يدها بعد موتها لم يلزمه شيء. . . والجواب عن الأول أنه ينتقض بما إذا القته حال الحياة لا يُعطى حكم عضوها اتفاقا (3).
قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): مسألة: قال: (وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة لا ترث منها شيئًا وتعتق رقبة) ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة على ما قدمنا (4).
وقال الإمام ابن قدامة (620 هـ): قال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه من أهل العلم أوجب على ضارب بطن المرأة تلقي جنينا الرقبة مع الغرة (5).
وقال الإمام النووي (676 هـ): واتفق العلماء على أن دية الجنين هي الغرة، سواء كان الجنين ذكرًا أو أنثى، قال العلماء: وإنما كان كذلك لأنه قد يخفى فيكثر فيه النزاع، فضبطه الشرع بضابط يقطع النزاع، وسواء كان خلقه كامل الأعضاء أم ناقصها، أو كان مضغة تصوّر فيها خلق آدمي، ففي كل ذلك الغرّة بالإجماع (6).
(1) المبسوط للسرخسي (27/ 31).
(2)
المبسوط للسرخسي (26/ 87).
(3)
الذخيرة (12/ 402).
(4)
المغني (8/ 418).
(5)
المغني (8/ 417).
(6)
شرح النووي على مسلم (11/ 176).
وقال الإمام ابن رشد الجدّ (520 هـ): أجمع أهل العلم على أن في جنين الحرة المسلمة، أو النصرانية من المسلم، والأمة من سيدها الحر غرّة، عبد أو وليدة، إذا خرج من بطن أمه ميتا وهي حية، ذكرا كان أو أنثي، تم خلقه أو لم يتم إذا تيقن أنه جنين، كل ما تكون به الأمة أم ولد إذا أسقطته من سيدها يكون على الجاني فيه غرة عبد أو وليدة، كل على مذهبه في ذلك، هذا كله لا اختلاف بين أحد من أهل العلم فيه (1).
وقال الإمام ابن رشد الحفيد (595 هـ): فأما الأجنّة فإنهم اتفقوا على أن الواجب في جنين الحرة وجنين الأمة من سيّدها هو غرة (2).
وقال الإمام القرطبي (671 هـ): واختلفوا فيما به تُعلم حياته بعد اتفاقهم على أنه إذا استهل صارخا أو ارتضع أو تنفّس نفسا محققة حي، فيه الدية كاملة؛ فإن تحرك فقال الشافعي وأبو حنيفة: الحركة تدل على حياته، وقال مالك: لا، إلا أن يقارنها طول إقامة، والذكر والأنثى عند كافة العلماء في الحكم سواء، فإن القته ميتا ففيه غرة: عبد أو وليدة، فإن لم تلقه وماتت وهو في جوفها لم يخرج فلا شيء فيه، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه (3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): إسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين. . . ولو قدّر أن الشخص أسقط الحمل خطأ مثل أن يضرب المرأة خطأ فتسقط، فعليه غرة عبد أو أمة بنص النبي صلى الله عليه وسلم واتفاق الأئمة (4).
وقال الإمام الشربيني (977 هـ): (ويشترط) في الغرّة (بلوغها) في القيمة (نصف عشر دية) من الأب المسلم وهو عشر دية الأم المسلمة ففي الحر
(1) المقدمات الممهدات (3/ 297).
(2)
بداية المجتهد (4/ 198).
(3)
الجامع لأحكام القرآن (5/ 321).
(4)
الفتاوى (34/ 160).
المسلم رقيق قيمته خمسة أبعرة، كما روي عن عمر وعلي وزيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنهم، قال الماوردي: ولم يخالفهم فيه أحد فكان إجماعا (1).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع ابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم:"فقضى أن دية جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها"(3).
2 -
أن عمر رضي الله عنه استشار الناس في إملاص (4) المرأة، فقال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: شهدت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيها بغرة عبد أو أمةٍ، فقال: ائتني بمن يشهد معك، قال فأتاه محمد بن مسلمة فشهد له (5).
3 -
أن الواجب في الجنين الغرة لأنه قد يخفى فيكثر فيه النزاع فضبطه الشرع بضابط يقطع النزاع (6).
ججج صحة الإجماع لعدم وجود المخالف في المسألة.
(1) مغني المحتاج (4/ 105).
(2)
ينظر: المحلى (11/ 234 - 235 و 237).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب جنين المرأة (6915)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب دية الجنين (1681).
(4)
قال الإمام الخطابي: إملاص المرأة إسقاطها الولد، وأصل الإملاص الإزلاق وكل شيء يزلق من اليد ولا يثبت فيها فهو مَلَص. ينظر: معالم السنن (4/ 32).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب جنين المرأة (6905)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب دية الجنين (1689).
(6)
شرح النووي على مسلم (11/ 176).