الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو حدّا أو دفاعا عن النفس، فلم يجعلوا هذا النوع من القتل مانعا من الإرث من مال القتيل.
كما خالف ابن سريج، هذا الإجماع المنقول في القتل الواجب -كالقتل في زنا المحصن- إذا كان القتل بناء على البيّنة دون الإقرار؛ لكونه متّهما في الأولى دون الثانية (1).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف.
[135/ 25] في القاتل خطأ لا يرث من الدية شيئًا:
• المراد من المسألة: أن القتل في الخطأ يمنع صاحبه من الإرث من دية من قتله.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمعوا على أن القاتل خطأ لا يرث من دية من قتله (2).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): ولا يرث القاتل شيئًا منها -أي الدية- لأن العلماء مجمعون أن القاتل خطأ لا يرث من الدية شيئًا، كما أجمعوا أن القاتل عمدا لا يرث من المال ولا من الدية شيئًا (3).
وقال الإمام ابن رشد الجدّ (520 هـ): ودية الخطأ كسائر مال المقتول يقضى منها دينه، وتجوز فيها وصيته، ويرثها جميع ورثته إلا أن يكون القاتل من ورثته؛ فإنه لا يرث منها شيئًا؛ للإجماع أن قاتل الخطأ لا يرث من الدية (4).
قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): مسألة: قال: (وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غُرّة لا ترث منها شيئًا وتُعتِق رقبة) ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة على
(1) ينظر: الحاوي للماوردي (8/ 77 - 78).
(2)
الإجماع (ص: 74).
(3)
الاستذكار (25/ 44).
(4)
المقدمات الممهدات (8/ 293).
ما قدمنا (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الشافعية (2)، والحنفية في المكلّف (3).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمرو بن شعيب، أن رجلا من بني مدلج، يقال له: قتادة، حذف ابنه بالسيف، فأصاب ساقه، فنزي في جرحه، فمات، فقَدِم سُراقة بن جُعشم على عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فقال له عمر: اعدد على ماء قُديد عشرين ومئة بعير حتى أقدُم عليك، فلما قدم إليه عمر بن الخطاب، أخذ من تلك الإبل ثلاثين حِقّة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا، قال: خذها، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ليس للقاتل شيء"(4).
• وجه الدلالة منه أن النص عام في كل قاتل، فيعمّ قاتل العمد وقاتل الخطأ، كما يعم الدية وغيرها من مال المقتول.
2 -
أن الحرمان جزاء القتل المحظور شرعا، والقتل من الخاطئ محظور (5).
3 -
أن تهمة القصد إلى الاستعجال قائمة، فمن الجائز أنه كان قاصدا إلى ذلك وأظهر الخطأ من نفسه، فيُجعل هذا التوهم كالمتحقق في حرمان الميراث (6).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول طائفة من أهل البصرة،
(1) المغني (81/ 12).
(2)
ينظر: الحاوي للماوردي (13/ 70)، تكملة المجموع للمطيعي (16/ 60).
(3)
ينظر: المبسوط للسرخسي (30/ 46)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 26).
(4)
تقدم تخريجه (ص: 450)، وهو منقطع.
(5)
ينظر: المبسوط للسرخسي (30/ 47).
(6)
ينظر: المبسوط للسرخسي (30/ 47).
فورّثوا القاتل من المال والدية جميعا (1).
وتقدم أن سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وابن حزم الظاهري، قالوا: إن القاتل في العمد يرث، فعلى قولهم المخطيء يرث من باب أولى.
كما خالف هذا الإجماع المنقول الحنفية في غير المكلف، فذهبوا إلى أنه يرث من مال مقتوله، سواء كان دية أو غيرها (2)، وهو قول بعض الحنابلة (3).
وحجتهم في ذلك أن غير المكلف مرفوع عنه القلم (4).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف.
(1) ينظر: التمهيد (23/ 446)، المنتقى شرح الموطأ (7/ 108).
(2)
ينظر: المبسوط للسرخسي (30/ 46)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 26).
(3)
ينظر: الفروع (8/ 70)، الإنصاف (7/ 368).
(4)
ينظر: الجوهرة النيرة (2/ 304).