الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصبي، فقالوا إن عمد الصبي والمجنون ليس مانعا من الإرث (1).
وحجتهم في ذلك أن الحرمان ثبت جزاء قتل محظور، وفعل هؤلاء ليس بمحظور لقصور الخطاب عنهم (2).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف.
[134/ 24] قاتل العمد لا يرث من مال من قتله
.
• المراد من المسألة: أن القتل في العمد مانع من موانع الإرث، فلا يورّث قاتل العمد من مال من قتله.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الجصاص (370 هـ): لم يختلف الفقهاء في أن قاتل العمد لا يرث المقتول إذا كان بالغا عاقلا بغير حق (3).
وقال الإمام الماوردي (450 هـ): لا اختلاف بين الأمة أن قاتل العمد لا يرث عن مقتوله شيئًا من المال ولا من الدية، وإن ورث غيره الخوارج وبعض فقهاء البصرة، فقد حكي عنهم توريث القاتل عمدا استصحابا لحاله قبل القتل (4).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): أجمع العلماء على أن القاتل عمدا لا يرث من مقتوله، إلا فرقة شذّت عن الجمهور كلهم أهل بدع (5).
(1) ينظر: الحجة على أهل المدينة (4/ 371)، المبسوط للسرخسي (30/ 46 - 47).
(2)
ينظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 116).
(3)
أحكام القرآن (1/ 44).
(4)
الحاوي (8/ 84).
(5)
الاستذكار (25/ 205)، وقال في موضع آخر (25/ 207): قد أخبر مالك رحمه الله أن قاتل العمد لا اختلاف فيه عندهم أنه لا يرث وهو قول بن أبي ذئب وأهل المدينة وكذلك هو عند الجميع من العلماء قديما وحديثا لا خلاف في ذلك والخلاف كما ذكره مالك في القاتل خطأ، وقال في موضع آخر (25/ 44): كما أجمعوا أن القاتل عمدا لا يرث من المال ولا من الدية شيئًا. وقال أيضًا (23/ 443): وأجمع العلماء على أن القاتل عمدا لا يرث شيئًا من مال المقتول ولا من ديته.
وقال الإمام ابن هُبيرة (560 هـ): وأجمعوا على أن القاتل عمدا ظلما لا يرث من المقتول (1).
وقال الإمام ابن قدامة (620 هـ): أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئًا، إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير، إنهما ورّثاه، وهو رأي الخوارج؛ لأن آية الميراث تتنا وله بعمومها، فيجب العمل بها فيه، ولا تعويل على هذا القول؛ لشذوذه، وقيام الدليل على خلافه (2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): وأما الوارث كالأب وغيره إذا قتل مورّثه عمدا، فإنه لا يرث شيئًا من ماله، ولا ديته باتفاق الأئمة (3).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمرو بن شعيب، أن رجلا من بني مدلج، يقال له: قتادة، حذف ابنه بالسيف، فأصاب ساقه، فنزي في جرحه، فمات، فقَدِم سُراقة بن جُعشم على عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فقال له عمر: اعدد على ماء قُديد عشرين ومئة بعير حتى أقدُم عليك، فلما قدم إليه عمر بن الخطاب، أخذ من تلك الإبل ثلاثين حِقّة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا، قال: خذها، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ليس للقاتل شيء"(4).
• وجه الدلالة منه أن النص عام في كل قاتل، فيعمّ قاتل العمد وقاتل الخطأ، كما يعم الدية وغيرها من مال المقتول.
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلا فإنه
(1) اختلاف الأئمة العلماء (2/ 98).
(2)
المغني (6/ 364).
(3)
الفتاوى (34/ 153)، وقال في موضع آخر (34/ 162): وسئل رحمه اللَّه تعالى عن امرأة دفنت ابنها بالحياة حتى مات فإنها كانت مريضة وهو مريض فضجرت منه فما يجب عليها فأجاب. . .، هذه في قول الجمهور يجب عليها الدية تكون لورثته ليس لها منها شئ باتفاق الأئمة.
(4)
تقدم تخريجه (ص: 450)، وهو منقطع.
لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره" (1).
• وجه الدلالة منه أن النص عام في كل قاتل، فيعمّ قاتل العمد وقاتل الخطأ، كما يعم الدية وغيرها من مال المقتول.
3 -
أنه منع من الميراث عقوبة له، لاستعجاله الميراث من غير وجهه، حتى لا يتطرق الناس إلى الميراث عن طريق القتل (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، كما نقله ابن رشد الحفيد عن قوم (3)، واختار هذا الرأي الإمام ابن حزم (4)، فقال هؤلاء: إن قاتل العمد يرث من الدية ومن غيرها.
وحجتهم في ذلك عموم آيات المواريث، كقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
كما خالف الحنفية هذا الإجماع المنقول في غير المكلف كالمجنون والصبي، فقالوا إن عمد الصبي والمجنون ليس مانعا من الإرث (5).
وحجتهم في ذلك أن الحرمان ثبت جزاء قتل محظور، وفعل هؤلاء ليس بمحظور لقصور الخطاب عنهم (6).
كما خالف الحنفية (7)، وأحمد في الرواية المشهورة (8) هذا الإجماع المنقول في القتل غير المضمون بقصاص أو دية أو كفارة، كما لو كان قصاصا
(1) تقدم تخريجه (ص: 450)، وهو ضعيف.
(2)
ينظر: الاستذكار (8/ 139)، تكملة المجموع للمطيعي (16/ 60).
(3)
بداية المجتهد (4/ 144).
(4)
ينظر: المحلى (9/ 70).
(5)
ينظر: الحجة على أهل المدينة (4/ 371)، المبسوط للسرخسي (30/ 46 - 47).
(6)
ينظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 116).
(7)
ينظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 116)، البحر الرائق (8/ 571).
(8)
ينظر: الإنصاف (7/ 368)، المغني (6/ 365).