الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
أن وجوب الدية على العاقلة إنما كان مواساة للجاني، وتخفيفا عنه، وليس على الجاني في الجناية على نفسه ما يحتاج إلى الإعانة والمواساة فيه، فلا وجه لإيجابه (1).
ججج صحة الإجماع لعدم وجود المخالف.
[120/ 12] وجوب الدية في جناية العمد من الصبي والمجنون
• المراد من المسألة: أن جناية الصبي أو المجنون في حال العمد لا يجب القصاص فيها، وإنما تجب الديّة على اختلافهم في كونها مغلّظة أو مخففة، وهل تجب في ماله أو على العاقلة (2).
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): أجمع العلماء أن ما جناه المجنون في حال جنونه هدر، وأنه لا قود عليه في ما يجني، فإن كان يفيق أحيانا ويغيب أحيانا، فما جناه في حال إفاقته فعليه فيه ما على غيره من البالغين غير المجانين، وأجمع العلماء أن الغلام والنائم لا يسقط عنهما ما أتلفا من الأموال، وإنما يسقط عنهم الإثم، وأما الأموال فتضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد (3).
وقال الإمام ابن رشد (595 هـ): فأما في أيّ قتل تجب (أي: الدية)؟ فإنهم اتفقوا على أنها تجب في قتل الخطأ، وفي العمد الذي يكون من غير مكلّف مثل المجنون والصبي (4).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (5)، والحنابلة (6)،
(1) ينظر: المغني (8/ 387).
(2)
ينظر هذا الخلاف في: بداية المجتهد (4/ 195)، المغني (8/ 383)، البناية شرح الهداية (13/ 215).
(3)
الاستذكار (25/ 31).
(4)
بداية المجتهد (4/ 192).
(5)
ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 493 - 494)، بدائع الصنائع (7/ 253).
(6)
ينظر: المغني (8/ 383)، حاشية العروض المربع (7/ 176).
والشافعية (1).
• مستند الإجماع:
1 -
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق"(2).
2 -
أنه لا يتحقق منهما كمال القصد، فتحمله العاقلة، كشبه العمد (3).
3 -
أنه قتل لا يوجب القصاص، لأجل العذر، فأشبه الخطأ وشبه العمد (4).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الإمام ابن حزم حيث إنه لا يرى الإلزام بالدية في جناية المجنون والصبي، لا في مالهما، ولا فى مال عاقلتهما (5).
واحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق"(6)، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام"(7)، فأموال الصبي والمجنون والسكران حرام بغير نص، كتحريم دمائهم ولا فرق، ولا نص في وجوب غرامة عليهم أصلا (8).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة، وذلك لوجود المخالف، ولعل من حكى الإجماع لا يرى الاعتداد بخلاف الظاهرية، واللَّه أعلم.
(1) ينظر: التنبيه، (ص: 223)، الحاوي للماوردي (12/ 130)، روضة الطالبين (9/ 163).
(2)
تقدم تخريجه (ص: 158)، وهو صحيح.
(3)
ينظر: المغني (8/ 383).
(4)
ينظر: المغني (8/ 383).
(5)
ينظر: المحلى (10/ 216 - 217).
(6)
تقدم تخريجه (ص: 158)، وهو صحيح.
(7)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"رب مبلغ أوعى من سامع"(67)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218).
(8)
ينظر: المحلى (10/ 216 - 217).