الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني الاشتراك في الجناية
[21/ 1] لا قَوَد على الممسك إذا كان القاتل يقدر على القتل من غير إمساك، أو قدر المقتول على الهرب:
• المراد من المسألة: أن الفقهاء قد اختلفوا فيما إذا اشترك في جناية القتل العمد اثنان، أمسك المجني عليه أحدهما، وباشر الآخر القتل؛ هل يُقتل الممسك كما يقتل المباشر (1) للقتل؟ فقال الحنفية، والشافعية، والحنابلة في رواية: لا يقتل، بينما قال المالكية، والحنابلة في رواية: يقتل (2)، وقد اتفق القائلون بقتله أنه إذا أمسكه للعب أو الضرب لم يقتل (3)، كما أنهم جميعا اتفقوا على أنه لا قود على الممسك إذا لم يكن لإمساكه أثر في خلوص الجناية على المباشر، حيث يمكنه أن يباشر القتل من غير حاجة إلى إمساكه، أو كان المقتول قادرا على الفكاك من القتل من مسكته ولم يفعل، وهذا محل البحث.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الماوردي (450 هـ): رجل أمسك رجلا حتى قتله آخر فعلى القاتل القود، فأما الممسك فإن كان القاتل يقدر على القتل من غير إمساك، أو كان المقتول يقدر على الهرب بعد الإمساك فلا قود على
(1) قتل القاتل محل إجماع بين الفقهاء، قال الموفق ابن قدامة في المغني (8/ 364): لا خلاف في أن القاتل يقتل.
(2)
وقد جعل سليمان بن موسى الأموي فقيه أهل الشام (115 هـ) قتل الممسك إجماعا، كما في المبدع (7/ 207)، والحق أنها محل خلاف، كما سبق. ينظر: المبسوط (24/ 72)، القوانين الفقهية (ص: 226)، الحاوي (12/ 83)، المغني (8/ 364).
(3)
حكاه القاضي أبو يعلى الفراء فيما نقله الزركشي الحنبلي في شرح مختصر الخرقي (6/ 114)، وتعقبه القاضي المرداوي في الإنصاف (9/ 457) بقوله: وظاهر كلام جماعة الإطلاق.
الممسك بالإجماع (1).
• من وافق الإجماع: تقدم أن الحنفية، والشافعية لا يحكمون بقتل الممسك وإن كان إمساكه سببا محققا للقتل، وعليه فإذا كان فعل الممسك لا أثر له، أو كان بمقدور المقتول الفكاك فلا قصاص على الممسك في قولهم من باب الأولى.
وأما القائلون بقتله فقد وافق هذا الإجماع المنقول منهم المالكية (2)، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: القياس على اشتراط علم الممسك بأن القاتل يريد قتله، فإن من قال يقتل الممسك اشترط ذلك (4)، حيث قالوا: لأن موته ليس بفعله ولا بأثر فعله (5)، والممسك إذا لم يكن في إمساكه حاجة وكان القاتل في غنية عنه، والجامع بينهما أن فعله لا تأثير له في الجناية، بل هذا أولى من جهة أن قصور الأول باعتبار جهله بنية القاتل في القتل، وأما هذا فالقصور فيه باعتبار أن إمساكه لا حاجة إليه، فوجوده كعدمه، واللَّه أعلم.
• من خالف الإجماع: قال ابن شاس (6): شرط القاضي أبو عبد اللَّه ابن هارون البصري من أصحابنا لوجوب القصاص على الممسك شرطا آخر، وهو
(1) الحاوي (12/ 83).
(2)
ينظر: الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي (4/ 245)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/ 343)، منح الجليل (9/ 25).
(3)
انظر: كشاف القناع (5/ 519).
(4)
انظر: الكافي لابن عبد البر (2/ 1098)، التاج والإكليل (8/ 306)، الشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة (9/ 344)، الإنصاف (9/ 457).
(5)
انظر: المبدع (7/ 208)، كشاف القناع (5/ 519).
(6)
عبد اللَّه بن نجم بن شاس الجذامي السعدي، فقيه مالكي، له عقد الجواهر الثمينة، ت 616 هـ. ينظر: الديباج المذهب (1/ 443)، شذرات الذهب (7/ 123).