الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنها لو برئت ولم يبق لها أثر لم يجب بها أرش والشين إنما يلحق فيها فيما يظهر في البدن، وذلك هو الوجه والرأس، وأما ما سواهما فلا يظهر بل لعلها يغطى عادة فلا يلحق الشين فيه مثل ما يلحق في الوجه والرأس (1).
• تنبيه: يرى الحنفية أن الجائفة لا تكون إلا فيما يصل إلى الجوف من الصدر والبطن والظهر والجبين -أي جوف الرأس-، فكون ما يصل إلى جوف الرأس عندهم داخل في الجائفة فهذا لا يعني أنهم يعتبرونها من شجاج الرأس بل صرحوا أنها من جراح الجسد، وليست من الشجاج وإنما ذكرت الجائفة مع الآمة لاستوائهما في الحكم فقط (2). وقد ذكرت هذا التنبيه حتى لا يحصل اللبس.
ججج صحة الإجماع لعدم وجود المخالف في المسألة، وأما ما أشار إليه الإمام الكاساني فإنه لم يسمّ قائله، ولعله لا يصح نسبته إلى من نُسب غليه، وقد يكون محكوما عليه بالشذوذ، واللَّه أعلم.
[216/ 8] الموضّحة في الوجه والرأس فقط
• المراد من المسألة: أي أنّ الموضحة التي يجب فيها خمس من الإبل كما وردت بذلك الأدلة تختص بموضحة الوجه والرأس فقط، وما عداهما لا يجب فيه ذلك.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمعوا على أن الموضحة تكون في الرأس والوجه (3).
(1) بدائع الصنائع (7/ 296).
(2)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 99)، الجوهرة النيرة (2/ 132)، البناية (14/ 194)، حاشية ابن عابدين (6/ 581).
(3)
الإجماع (ص: 121)، وانظر: الإشراف (7/ 402).
وقال الإمام القرطبي (671 هـ): وأجمع أهل العلم على أن الموضحة تكون في الوجه والرأس (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (2)، الشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: يستدل لهذا الإجماع المنقول بما يلي:
1 -
ما روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما، قالا:"في الموضحة في الرأس والوجه سواء"(5)
وروي عن زيد بن ثابت قال: "في الموضحة في الرأس والوجه والأنف سواء"(6).
• وجه الدلالة ذكره موفق الدين ابن قدامة حيث قال: وقول الخليفتين الراشدين يدل على أن باقي الجسد بخلافه (7).
2 -
أن اسم الموضحة إنما يطلق على الجراحة المخصوصة في الوجه والرأس، لأن الأصل اللغوي للموضحة والتي هي من الشجاج مختص بالرأس والوجه فقط، بخلاف سائر الجسد فتسمى في أصل اللغة جراحة، فهذه هي حقيقة الموضحة وسائر الشجاج والحكم مرتب على الحقيقة فلا يجب بالجراحة ما يجب بالشجة من المقدّر (8).
(1) الجامع لأحكام القرآن (8/ 27).
(2)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 296)، تبيين الحقائق (6/ 132).
(3)
ينظر: الأم (7/ 334)، مغني المحتاج (5/ 302).
(4)
ينظر: المغني (8/ 471)، شرح الزركشي (6/ 171).
(5)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (16198).
(6)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (16199).
(7)
ينظر: المغني (8/ 471).
(8)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 296)، المغني (8/ 471)، تبيين الحقائق (6/ 132).
3 -
أن الشين فيما في الرأس والوجه أكثر وأخطر مما في سائر البدن، فلا يلحق به (1).
4 -
أن إيجاب دية الموضحة في سائر البدن يفضي إلى أن يجب في موضحة العضو أكثر من ديته، مثل أن يوضح أنملة ديتها ثلاثة وثلث، ودية الموضحة خمسة (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الإمام الليث بن سعد، فذهب إلى القول بأن الموضحة كما أنها تكون في الرأس والوجه فهي أيضا تكون في الجسد (3).
وذهب الأوزاعي إلى القول بأن جراحة الجسد على النصف من جراحة الرأس (4).
وحكي نحو ذلك عن عطاء الخراساني، قال: في الموضّحة في سائر الجسد خمسة وعشرون دينارا (5).
ججج عدم صحة الإجماع؛ لوجود المخالف في المسألة.
[217/ 9] الهاشمة (6) التي لا موضِّحة فيها لا يجب فيها دية الهاشمة.
• المراد من المسألة: إذا ضرب الرأس فهشم العظم، ولم يحصل إيضاح في الرأس، فإن دية الهاشمة وهي عشر من الإبل لا تجب.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): وإن ضرب رأسه فهشم العظم ولم يوضحه لم تجب دية الهاشمة بغير خلاف (7).
(1) ينظر: الشرح الكبير لابن أبي عمر (9/ 322 - 323).
(2)
ينظر: المغني (8/ 471)، الشرح الكبير لابن أبي عمر (9/ 322 - 323).
(3)
ينظر: نوادر الفقهاء (ص: 215)، المغني (8/ 471).
(4)
ينظر: الاستذكار (8/ 62)، بداية المجتهد (4/ 203)، الشرح الكبير لابن أبي عمر (9/ 322 - 323).
(5)
ينظر: الاستذكار (8/ 62)، بداية المجتهد (4/ 203)، الشرح الكبير لابن أبي عمر (9/ 322 - 323).
(6)
الهاشمة: التي تهشم العظم: تفتّه وتكسره. المطلع على ألفاظ المقنع (ص: 448).
(7)
المغني (8/ 472 - 473)، وفد نقل الشيخ ابن قاسم في حاشية الروض:(7/ 271) عن ابن قدامة عدم الخلاف في وجوب الحكومة فيمن ضرب بمثقل فهشمه من غير أن يوضحه، وهذا =
وقال البرهان ابن مفلح (884 هـ): (فإن ضربه بمثقل فهشمه من غير أن يوضحه ففيه حكومة، وقيل: خمس من الإبل) قال بعد ذلك: وعلم مما سبق أنه لا يجب أرش الهاشمة بغير خلاف؛ لأن الأرش المقدر وجب في هاشمة معها موضّحة (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الشافعية (2). أما بالنسبة للأحناف والمالكية فبعد البحث والاستقراء لكتبهم لم أجد من تطرق منهم لعين المسألة، ولكن من خلال النظر لمعناها الاصطلاحي عندهم تبين لي أنهم لا يذكرون الهاشمة مفردة بل يذكرون الشجاج مرتبة، مما يدل على أن كل شجة مرتبة على التي تسبقها، وهذا يدل على أن الهاشمة لا تكون إلا بعد موضحة وإلا لم تكن عندهم هاشمة يجب فيها عشر من الإبل، واللَّه أعلم (3).
وفي الهداية: قال: "ولا قصاص في بقية الشجاج" لأنه لا يمكن اعتبار المساواة فيها؛ لأنه لا حد ينتهي السكين إليه؛ ولأن فيما فوق الموضحة كسر العظم ولا قصاص فيه (4).
• مستند الإجماع: يمكن أن يستدل لهذا الإجماع المنقول بأن الفقهاء من أئمة
= النقل من الشيخ ابن قاسم فيه نظر بدليل أن ابن قدامة بعد أن ذكر عدم الخلاف في عدم وجوب دية الهاشمة فيمن هشم من غير إيضاح سرد خلاف المذهب في الواجب في ذلك وهو وجهان: (أحدهما: وجوب خمس من الإبل والثاني: وجوب الحكومة)، ومما يدل على أن كلام الشيخ ابن قاسم فيه خطأ أو وهم، ما ذكره صاحب المبدع من وجود الخلاف في المسألة كما هو مبين في نص صاحب المبدع أعلاه، والخلاف نفسه موجود أيضا عند الشافعية كما هو عند الحنابلة كما في روضة الطالبين (9/ 264)، واللَّه أعلم.
(1)
المبدع (7/ 332 - 333).
(2)
ينظر: الحاوي للماوردي (3/ 216) المهذب (3/ 216)، روضة الطالبين (9/ 264).
(3)
ينظر: بداية المجتهد (4/ 202)، العناية (10/ 284 - 285).
(4)
ينظر: الهداية (4/ 465).