الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: الدليل الأول: أنه استمتاع لا يفضي إلى فساد النسب (1).
الدليل الثاني: أنه ليس ثمة دليل شرعي صحيح صريح في وجوب الحد على من أتى المرأة في الدبر، وأحكام الزاني إنما هي في القبل، ولا يصح قياس الدبر بالقبل (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن أبي حنيفة، والظاهرية، لا سيما إذا علمنا أن من نقلوا الإجماع وهم العبادي والكمال ابن الهمام إنما نقلوه لنقده لا لتقريره واللَّه تعالى أعلم.
[73/ 2] إذا وطئ الأب جارية ولده فلا حد عليه
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب حد الزنا، وكان التي وقع عليها أمةٌ لولده، ووقع عليها في القبل؛ فإنه لا يقام عليه الحد حينئذٍ.
ويتبيَّن مما سبق أنه لو وقع عليها في الدبر فذلك غير مراد (3).
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ): "القائلين بانتفاء الحد -أي: عن الأب إذا وطئ جارية ولده - في عصر مالك والأوزاعي ومن وافقهما، قد اشتهر قولهم، ولم يعرف لهم مخالف، فكان ذلك إجماعًا"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (5)، والمالكية في المعتمد (6)، والشافعية (7).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عموم الأحاديث الدالة على درء الحدود
(1) انظر: فتح القدير (5/ 263)، الحاوي الكبير (13/ 221).
(2)
انظر: المحلى (12/ 391).
(3)
انظر: أسنى المطالب (3/ 187).
(4)
المغني (9/ 56).
(5)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 176)، نصب الراية (3/ 394)، العناية شرح الهداية (3/ 408).
(6)
المدونة (2/ 5345)، مواهب الجليل (3/ 472)، حاشية العدوي (2/ 63).
(7)
أسنى المطالب (3/ 187)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 272)، مغني المحتاج (4/ 356).
بالشبهات ومنها:
أولًا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)(1).
ثانيًا: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعًا)(2).
• وجه الدلالة: أن وطء الأب لجارية ولده فيه شبهة للملك تدرأ عنه الحد، ووجه تمكن الشبهة هي في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: "أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه فقال: يا رسول اللَّه إن هذا قد احتاج إلى مالي؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك)(3).
(1) أخرجه الترمذي رقم (1424).
(2)
أخرجه ابن ماجه رقم (2545).
(3)
أخرجه أحمد (11/ 503)، وأبو داود، كتاب: البيوع، باب: في الرجل يأكل مال ولده، رقم (3530)، وابن ماجه، كتاب: التجارات، باب: ما للرجل من مال ولده، رقم (2291).
والحديث صححه ابن حزم كما في المحلى (8/ 508)، واحتج به ابن حجر بمجموع طرقه فقال في فتح الباري (5/ 211):"هو حديث أخرجه بن ماجه من حديث جابر، قال الدارقطني: غريب تفرد به عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ويوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن بن المنكدر، وقال بن القطان: إسناده صحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات، وله طريق أخرى عن جابر عند الطبراني في الصغير والبيهقي في الدلائل فيها قصة مطولة، وفي الباب عن عائشة في صحيح بن حبان، وعن سمرة، وعن عمر كلاهما عند البزار، وعن بن مسعود عند الطبراني، وعن بن عمر عند أبي يعلى، فمجموع طرقه لا تحطه عن القوة وجواز الاحتجاج به".
وصححه الألباني كما في "إرواء الغليل"(3/ 323) فقال: "حديث: (أنت ومالك لأبيك) صحيح، وقد ورد من حديث جابر بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن عمرو، وعبد اللَّه بن مسعود، وعالة، وسمرة بن جندب، وعبد اللَّه بن عمر، وأبي بكر الصديق، وأنس بن مالك، وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهم جميعًا"
فأضاف مال ولده إليه وجعله له، فإذا لم تثبت حقيقة الملك فلا أقل من جعله شبهة دارئة للحد (1).
• المخالفون للإجماع: وذهب بعض الفقهاء إلى أن الأب إن وطئ جارية ابنه فعليه الحد.
وهو رواية عند الحنابلة (2)، وقول الظاهرية (3)، وبه قال الروياني وابن المنذر من الشافعية (4)، وأبو ثور (5).
وثمة قول للمالكية هو خلاف المعتمد أن الأب إن علم أن الابن قد وطئ جاريته فإنه يُحد إذا وطئها (6).
• دليل المخالف: الدليل الأول: أنه وطء في غير ملك أشبه وطء جارية أبيه (7).
الدليل الثاني: لأن جارية الابن التي وطئها الابن محرمة على الأب مطلقًا، ولا تحل له حتى بنكاح، فهي كوطء ذات المحرم (8).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم، لثبوت الخلاف عن الظاهرية، والحنابلة في رواية، وبعض المالكية، وبعض
(1) أسنى المطالب (3/ 187)، مغني المحتاج (4/ 356)، المغني (9/ 56)، الشرح الكبير (10/ 182).
(2)
انظر: الفروع (5/ 135)، الإنصاف (10/ 182).
(3)
انظر: المحلى (6/ 389).
(4)
انظر: أسنى المطالب (3/ 187).
(5)
انظر: المغني (9/ 56).
(6)
انظر: شرح مختصر خليل (3/ 218).
(7)
انظر: المغني (9/ 56).
(8)
انظر: أسنى المطالب (3/ 187)، وقد حكى الخطيب في "مغني المحتاج"(4/ 356) الإجماع على أن الأب يحرم عليه وطء أمة ولده إذا وقع عليه الولد.