الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هكذا؛ لا تعينوا عليه الشيطان) (1).
• وجه الدلالة من الأحاديث السابقة: ظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحد لشارب الخمر عددًا معينًا في الجلد (2).
الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يوقّت في الخمر حدًا"(3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم.
ومن حكى الإجماع في المسألة فإنما حكى إجماع الصحابة رضي الله عنه، وقد ثبت خلاف علي رضي الله عنه وأنه جلد أربعين، فهي ليست محل إجماع حتى بين الصحابة رضي الله عنهم.
ولذا تعقَّب الإجماع الشوكاني بقوله: "الحاصل أن دعوى إجماع الصحابة رضي الله عنهم غير مسلَّمة؛ فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر رضي الله عنه وبعدها وردت به الروايات الصحيحة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على مقدار معين، بل جلد تارة بالجريد، وتارة بالنعال، وتارة بهما فقط، وتارة بهما مع الثياب، وتارة بالأيدي والنعال"(4).
وأما قول ابن عبد البر بأن الخلاف فيه شذوذ، فغير مسلَّم، بل الخلاف فيه معتبر؛ لثبوته عن الشافعية، والحنابلة في رواية، والظاهرية، واللَّه تعالى أعلم.
[251/ 4] يجوز جلد شارب الخمر ثمانين جلدة
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت على شخص شرب الخمر، وجلده الإمام ثمانون جلدة، فإنَّ فعل الإمام صحيح، ولا يُعتبر آثمًا في ذلك.
(1) أخرجه البخاري رقم (6395).
(2)
انظر: المحلى (12/ 356).
(3)
أخرجه أحمد (5/ 116)، وأبو داود رقم (4476)، والنسائي رقم (5290).
(4)
نيل الأوطار (7/ 169).
والمراد هنا بيان صحة جلد شارب الخمر ثمانين جلدة، أما كون هذا الجلد بهذا العدد هو من باب الحد، أو فيه تعزير، فهذه مسألة أخرى غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن تيمية (728 هـ): "حده أربعون جلدة، أو ثمانون جلدة، فإن جلده ثمانين جاز باتفاق الأئمة"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (2)، والمالكية (3) والشافعية (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن حضين بن المنذر أبو ساسان قال: شهدتُ عثمان بن عفان رضي الله عنه وأُتي بالوليد بن عقبة رضي الله عنه قد صلّى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان، أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أن رآه يتقيأ، فقال عثمان رضي الله عنه:"إنه لم يتقيأ حتى شربها"، فقال يا علي قم فاجلده، فقال علي رضي الله عنه: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن رضي الله عنه:"ولّ حارها من تولى قارها" -فكأنه وجد عليه-، فقال: يا عبد اللَّه بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعليٌّ رضي الله عنه يعُد، حتى بلغ أربعين، فقال: أمسِك، ثم قال:"جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين، وعمر رضي الله عنه ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي"(6).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر
(1) مجموع الفتاوى (34/ 216).
(2)
انظر: المبسوط (24/ 31)، بدائع الصنائع (5/ 113).
(3)
نظر: المدونة (4/ 516)، المنتقى شرح الموطأ (3/ 146).
(4)
انظر: أسنى المطالب (4/ 160)، تحفة المحتاج (9/ 171).
(5)
انظر: المحلى (12/ 368).
(6)
أخرجه مسلم رقم (1707).