الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: مسائل الإجماع في شروط حد القذف
[181/ 3] يشترط لإقامة الحد على القاذف أن يكون المقذوف عفيفًا عن الزنا
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف شخص آخر بالزنا، فإن من شرط إقامة الحد على القاذف أن يكون المقذوف عفيفًا عن الزنا، بمعنى أنه لم يأت بزنا قبل ذلك، ولم يُحد في زنا، فإن زنى الشخص أو أقيم عليه حد الزنا، ولم يتب من ذلك فإنه لا يكون عفيفًا، ولا حد على قاذفه.
ويُنبه هنا إلى أمرين: الأول: المراد أنه لا حد على من قذفه بذلك الزنا، أما إن قذفه بزنا آخر، فهذه مسألة أخرى غير مرادة.
الثاني: المسألة مقيَّدة بما إذا لم يتب الزاني، فإن زنى أو أقيم عليه الحد، ثم تاب من بعد ذلك وأصلح فهذه مسألة غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "وأما المقذوف فاتفقوا على أن من شرطه أن يجتمع فيه خمسة أوصاف وهي: البلوغ، والحرية، والعفاف، والإسلام، وأن يكون معه آلة الزنا، فإن انخرم من هذه الأوصاف وصف، لم يجب الحد"(1) ونقله عنه ابن قاسم (2).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "وشرائط الإحصان الذي يجب الحد بقذف صاحبه، خمسة: العقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا، وأن يكون كبيرا يجامع مثله، وبه يقول جماعة العلماء قديمًا وحديثًا، سوى ما روي عن داود، أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(3).
(1) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 362).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 333).
(3)
المغني (9/ 76).
وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ): "والمحصن من وجدت فيه خمس شرائط: أن يكون حرًا، مسلمًا، عاقلًا، بالغًا، عفيفًا، وهذا إجماع وبه يقول جملة العلماء قديمًا وحديثًا، سوى ما روي عن داود أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(1). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "والمحصن هو الحر، المسلم، العاقل، العفيف، الذي يجامع مثله. . . فهذه الخمسة شروط الإحصان وبه يقول جماعة الفقهاء قديمًا وحديثًا سوى ما روي عن داود أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(2).
وقال العيني (855 هـ): " (أن يكون المقذوف حرًا، عاقلًا، بالغًا، مسلمًا، عفيفًا عن فعل الزنا) هذا باتفاق العلماء"(3). وقال المطيعي (1404 هـ) عند مسألة أن من قذف زانيًا فلا حد عليه: "هذا ما لا خلاف فيه في حالة ثبوت الزنا"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الظاهرية (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (6).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أوجب الحد على القاذف إذا لم يأت بأربعة شهداء، فأسقط الحد إذا ثبت أنه زنى، وهو يدل على أن من ثبت عليه الزنا فانه لا حد على من قذفه (7).
الدليل الثاني: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} (8).
(1) العدة شرح العمدة (599).
(2)
الشرح الكبير على متن المقنع (10/ 211).
(3)
البناية شرح الهداية (6/ 364).
(4)
المجموع (20/ 55).
(5)
انظر: المحلى (12/ 245).
(6)
سورة النور، آية (4).
(7)
انظر: نهاية المحتاج (7/ 437).
(8)
سورة النور، آية (23).