الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتحريم، لكنه جاهل بماهية العقوبة، فإن العقوبة تُطبق في حقه (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[132/ 73] الأمة الزانية ليس بيعها بواجب على سيدها
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكبت الأمة ما يوجب حد الزنا، وتكرر ذلك منها، فإن الشرع أمر ببيعها كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) متفق عليه (2).
إلا أن هذا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ليس محمولًا على الوجوب والإلزام.
• من نقل الإجماع: قال ابن بطال (449 هـ): "أوجب أهل الظاهر بيع الأمة إذا زنت الرابعة وجُلِدت، والأُمَّة كلها على خلافهم، وكفى بقولهم جهلًا خلاف الأمة له"(3). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "وأجمع الفقهاء أن الأمة الزانية ليس بيعها بواجب لازم على ربها وإن اختاروا له ذلك"(4).
وقال القرطبي (671 هـ): "وأجمع العلماء على أن بيع الأمة الزانية ليس بواجب لازم على ربها"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
(1) انظر: كشاف القناع (6/ 93).
(2)
أخرجه البخاري رقم (2045)، ومسلم رقم (1703).
(3)
شرح صحيح البخاري (6/ 283).
(4)
التمهيد لابن عبد البر (9/ 106).
(5)
تفسير القرطبي (5/ 146).
(6)
انظر: عمدة القاري (11/ 277).
(7)
انظر: أسنى المطالب (4/ 134)، شرح النووي (11/ 212).
(8)
لم أجد لهم تصريحًا في المسألة، ولم أجد من نسب إليهم القول بالوجوب، والأصل عدم الخلاف.
• مستند الإجماع: يستند الإجماع في المسألة إلى أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه محمول على الاستحباب، واختلفوا في الصارف له على أقوال:
فقيل: الإجماع على أنه للاستحباب.
وقيل: أن الحديث منسوخ، وبه قال بعض الشافعية (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الحديث في الأمر بالبيع محمول على الوجوب.
وهو قول أبي ثور (2)، وبه قال الظاهرية (3)، واستظهره الصنعاني (4).
• دليل المخالف: استدل من أوجب بيع الأمة إن زنت أربعًا بظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه أمر ظاهره الوجوب، ولا يوجد ما يَصرفه للاستحباب (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لخلاف أبي ثور والظاهرية، ولذا قال النووي في حكاية المسألة:"وهذا البيع المأمور به مستحب ليس بواجب عندنا وعند الجمهور، وقال داود وأهل الظاهر: هو واجب"(6)، فنسب القول باستحباب البيع للجمهور، ولم يجعله إجماعًا.
ولعل من حكى الإجماع لم يعتبر قول المخالف، كما هو صريح قول ابن بطال، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: أسنى المطالب (4/ 134)، فتح الباري (12/ 164)، ولم يذكروا الناسخ له، إلا أن الصنعاني في "نيل الأوطار" ذكر أن الناسخ له قد يكون أحاديث النهي عن إضاعة المال، لأن بيع الأمة بشعر من ظفير هو من إضاعة المال.
(2)
انظر: شرح السنة للبغوي (10/ 298)، أسنى المطالب (4/ 134)، فتح الباري (12/ 164).
(3)
انظر: المحلى (12/ 78).
(4)
انظر: سبل السلام (2/ 414) حيث قال: "لا يخفى أن الظاهر مع من قال بالوجوب، ولم يأت القائل بالاستحباب بدليل على عدم الإيجاب"
(5)
انظر: المحلى (12/ 78).
(6)
شرح النووي (11/ 212).