الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن" (1)، إلا أن هذا القول لم أجعله من مواطن المخالفين في المسألة؛ لأن ابن عبد البر حقَّق قول مالك في المسألة فقال: "فالمشهور من مذهبه أن اللعان لا يجب حتى يقول الرجل لامرأته رأيتك تزنين، أو ينفي حملًا بها، أو ولدًا منها، إلا أن الأعمى عنده يلاعن إذا قذف امرأته، لم يختلف عنه في ذلك، لأنه شيء يدركه بالحس واللمس.
وقول أبي الزناد (2)، ويحيى بن سعيد، وعثمان البتي، والليث بن سعد، في ذلك كقول مالك" (3)، ويؤيد ذلك أيضًا حكاية القرطبي للإجماع تبعًا لابن عبد البر، وهو من المحققين لمذهب المالكية، مع أن القرطبي ذكر كلام ابن العربي، لكنه أخذ بتحقيق ابن عبد البر، فالذي يظهر أن قول مالك ومن تبعه في اشتراط الرؤية هو في غير الزوج، واللَّه تعالى أعلم.
[165/ 3] لو قذف امرأة لاعنت بغير ولد، فعليه الحد
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، ولم يكن لديه بيِّنة على ذلك، فلاعنها، ولم يكن لها ولد ينفيه زوجها الملاعن، فإنه إذا قذفها شخص آخر غير الزوج وجب عليه الحد.
ويتبيَّن من ذلك أنه إن كان القاذف هو زوجها الأول الذي لاعنها فالمسألة غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ): "ويحد من قذف الملاعنة. . . ولا نعلم فيه خلافًا"(4). وقال العيني (855 هـ): فيما لو قذف امرأة لاعنت بغير
(1) انظر: أحكام القرآن (3/ 352).
(2)
هو أبو عبد الرحمن، عبد اللَّه بن ذكوان القرشي، اشتُهر بأبي الزناد، من كبار التابعين، عالم المدينة، فقيه، محدَّث، عالم بالعربية والحساب، ذو فصاحة، مات سنة (131 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 445، شذرات الذهب 1/ 176، طبقات الفقهاء لابن منظور 191.
(3)
انظر: الاستذكار (6/ 89).
(4)
المغني (9/ 86).
ولد فعليه الحد: "به قال الشافعي، ومالك، وأحمد، وجمهور العلماء رحمهم الله، ولا نعلم فيه خلافًا"(1).
وقال ابن الهمام (861 هـ): "ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد فعليه الحد. . . ولا يعلم خلاف في ذلك"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه في قصة هلال بن أمية رضي الله عنه حين لاعن امرأته وفرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وفيه قال ابن عباس رضي الله عنه: "ففرق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يُدعى ولدُها لأب، ولا تُرمى، ولا يُرمى ولدُها، ومن رماها أو رمى ولدَها فعليه الحد"(5).
• وجه الدلالة: الحديث ظاهر في أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأنه من رمى المرأة بعد الملاعنة فعليه الحد (6).
الدليل الثاني: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال:"قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ولد المتلاعنين، أنه يرث أمه، وترثه أمه، ومن قفاها به جلد ثمانين، ومن دعاه ولد زنا جلد ثمانين"(7).
الدليل الثالث: أن حصانة المرأة الملاعِنة لم تسقط باللعان، ولم يثبت عليها الزنا بلعانها، ولا يوجد ما يدل على أمارة الزنا كولد لها لا أب له، فكان
(1) البناية شرح الهداية (6/ 382).
(2)
فتح القدير (5/ 335).
(3)
انظر: المدونة (2/ 360)، انظر: شرح مختصر خليل (8/ 87)، حاشية الدسوقي (4/ 327).
(4)
انظر: أسنى المطالب (2/ 381)، المجموع (8/ 338)، فتوحات الوهاب بشرح منهج الطلاب (4/ 433).
(5)
أخرجه أحمد (4/ 35)، وأبو داود رقم (2256).
(6)
انظر: التمهيد (15/ 42)، المغني (9/ 86).
(7)
أخرجه أحمد (11/ 599).