الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[189/ 3] إن قذف الرجل زوجته فيشترط لإقامة حد القذف عليه أن لا يلاعن
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف الرجل زوجته، ولم يُقم على ذلك بيَّنة، فإنه يُقام عليه حد القذف، كما لو قذف الأجنبية، إلا إن طلب لعان زوجته، فحينئذٍ يسقط عنه الحد باللعان.
والمراد هنا تقرير الإجماع أن من قذف زوجته دون بيِّنة فإنه لا يُقام عليه حد القذف إلا إذا امتنع عن اللعان.
أما سقوط الحد باللعان فتقرير الإجماع عليه ليس مرادًا في المسألة.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم: "واتفقوا أنه إن قال في اللعان يوم الجمعة بعد العصر في الجامع بحضرة الحاكم، الواجب نفاذ حكمه، باللَّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة: إني لصادق فيما رميت به فلانة زوجتي هذه -ويشير إليها وهي حاضرة- من الزنا، وأن حملها هذا ما هو مني، ثم كرر ذلك أربع مرات، ثم قال الخامسة: وعلي لعنة اللَّه إن كنت من الكاذبين، فقد التعن، وسقط عنه حد القذف"(1).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "يعتبر لإقامة الحد بعد تمام القذف بشروطه شرطان؛ . . . إن كان القاذف زوجًا، اعتبر شرط ثالث، وهو امتناعه من اللعان، ولا نعلم خلافًا في هذا كله"(2)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (4) والشافعية (5) والظاهرية (6).
(1) مراتب الإجماع (81).
(2)
المغني (9/ 78).
(3)
الشرح الكبير على متن المقنع (10/ 213).
(4)
المنتقى شرح الموطأ (4/ 77)، شرح مختصر خليل (4/ 125).
(5)
انظر: مغني المحتاج (5/ 60)، المجموع شرح المهذب (17/ 389).
(6)
المحلى (9/ 331).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (1).
• وجه الدلالة: عموم الآية يدل على أن من رمى امرأة محصنة دون بيِّنة فعليه حد القذف، وقد جعل اللَّه تعالى الالتعان للزوج مقام الشهود، فوجب إذا نكل أن يكون بمنزلة من قذف، ولم يكن له شهود (2).
الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك)، فقال: يا رسول اللَّه، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(البينة وإلا حد في ظهرك)(3).
• وجه الدلالة: الحديث ظاهر في أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على هلال بن أمية الحد عند عدم البيِّنة، مع أنه قاذف لامرأته.
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن من قذف زوجته فإنه ليس عليه حد للقذف أصلًا، فإذا قذفها وليس عنده بيِّنة، وامتنع عن اللعان فإنه يُحبس حتى يلاعن أو يُكذِّب نفسه. وهو قول الحنفية (4).
• دليل المخالف: الدليل الأول: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)} (5).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أوجب على من قذف زوجته ولم يكن له بيّنة الشهود أن يلاعن بالشهادة على نفسه أربع مرات إنه لمن الصادقين، وهو يدل على أن الواجب في الزوج مع زوجته اللعان، ولا حد للقذف بينهما، ومن
(1) سورة النور، آية (4).
(2)
انظر: بداية المجتهد (2/ 97).
(3)
أخرجه البخاري رقم (2526).
(4)
انظر: فتح القدير (4/ 281)، البناية شرح الهداية (5/ 566).
(5)
سورة النور، آية (6).