الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، وإني أُخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب اللَّه: الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) قال: فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجمت" متفق عليه (1).
• وجه الدلالة: أن الأعرابي دفع كفارة عن ابنه مائة شاة ووليدة، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وحكَم أنه لا كفارة لما فعل من الزنا، وإنما عليه الحد بالجلد والتغريب -لكونه بكرًا، وعلى المرأة المحصنة الرجم (2).
الدليل الثالث: عموم النصوص الشرعية الموجبة لحد الزنا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزًا والغامدية (3)، والجهنية (4) رضي الله عنهم، واليهودي (5)، ولم يُنقل أنه دلَّ أحدًا منهم على كفارة عن فعلهم.
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم، لعدم المخالف واللَّه تعالى أعلم.
[62/ 2] من وطئ امرأة من قبلها ولا شبهة له في وطئها فهو زان يجب عليه الحد
.
• المراد بالمسألة: إذا وطئ الرجل امرأة ليست امرأته ولا ملك يمينه، وكان وطؤه لها في قبلها، ولا شبهة له في ذلك، فإنه يُطبق عليه حد الزاني بالرجم إن كان محصنًا، والجلد إن كان غير محصن.
(1) أخرجه البخاري رقم (2549)، ومسلم رقم (1697).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (28/ 303).
(3)
أخرجه مسلم رقم (1695)، وأخرج البخاري إقرار ماعز رقم (2502).
(4)
أخرجه مسلم رقم (1696).
(5)
أخرجه البخاري رقم (4280)، ومسلم رقم (1700).
ويظهر مما سبق أنه إن وطئ رجلًا، أو امرأة في دبرها، أو كان له شبهة كأن ظنها زوجته، فكل ذلك غير مراد.
• من نقل الإجماع: قال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "الزنا فهو كل وطئ، وقع على غير نكاح صحيح، ولا شبهة نكاح، ولا ملك يمين، وهذا متفق عليه بالجملة من علماء الإسلام"(1).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "لا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ امرأة من قبلها حرامًا، ولا شبهة له في وطئها، أنه زانٍ، يجب عليه حد الزنا إذا كملت شروطه"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (3)(4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الأسلمي إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأةً حرامًا أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل في الخامسة، فقال:(أنكتها؟ ) قال: نعم، قال:(حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ ) قال: نعم، قال:(كما يغيب المرود (6) في المكحلة، والرشاء في البئر؟ ) قال: نعم، قال:(فهل تدري ما الزنا؟ ) قال: نعم، أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا" (7).
(1) بداية المجتهد (2/ 355).
(2)
المغني (9/ 53).
(3)
انظر: العناية شرح الهداية (5/ 213)، الفتاوى الهندية (2/ 143).
(4)
انظر: أسنى المطالب (4/ 125)، تحفة المحتاج (9/ 102 - 103).
(5)
المحلى (12/ 171).
(6)
بكسر الميم، هو المِيل الذي يُكتحل به. انظر: تاج العروس مادة (رود)(8/ 123).
(7)
أخرجه أبو داود رقم (4428)، والنسائي في السنن الكبرى رقم (7164)، وفي سنده عبد الرحمن بن الصامت، وهو مجهول، قال عنه الذهبي في "الميزان" (2/ 570):"لا يُدرى من هذا"، لذا ضعفه الألباني كما في "مشكاة المصابيح"(3/ 1412)، وشعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان (10/ 244).