الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: مسائل الإجماع في إثبات حد الزنا
[86/ 2] ثبوت حد الزنا بالشهادة
.
• المراد بالمسألة: المراد بهذه المسألة تقرير أن الشهادة طريق من طرق إثبات حد الزنا.
• من نقل الإجماع: قال الشافعي (204 هـ): "ولم أعلم الناس اختلفوا في أن لا يقام الحد في الزنا بأقل من أربعة شهداء"(1). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "فأجمع العلماء أن البينة في الزنا أربعة شهداء رجال عدول يشهدون بالصريح من الزنا لا بالكناية، وبالرؤية كذلك، والمعاينة"(2).
وقال ابن العربي (543 هـ): "قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (3): وهذا حكم ثابت بإجماع من الأمة"(4). وقال ابن هبيرة (560 هـ): "واتفقوا على أن البيِّنة التي يثبت بها الزنا أن يشهد له أربعة عدول رجال ويصفون حقيقة الزنا"(5). وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "أجمع العلماء على أن الزنا يثبت بالإقرار وبالشهادة"(6).
وقال النووي (676 هـ): "أجمعوا على أن البينة أربعة شهداء ذكور عدول"(7). وقال الشوكاني (1250 هـ) في بيان بيِّنة الزنا: "أي شهادة أربعة
(1) الأم (7/ 87).
(2)
الاستذكار (7/ 485).
(3)
سورة النساء، آية (15).
(4)
أحكام القرآن (4/ 459).
(5)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 254).
(6)
بداية المجتهد (2/ 359)، وقال أيضًا (2/ 360):"وأما ثبوت الزنا بالشهود فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود".
(7)
شرح مسلم (11/ 192).
شهود ذكور بالإجماع" (1). وقال الشنقيطي (1393 هـ): وأجمع العلماء أن بينة الزنا، لا يقبل فيها أقل من أربعة عدول ذكور"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (3)، والظاهرية (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (5).
الدليل الثاني: قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (6)
الدليل الثالث: قول اللَّه تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)} (7).
• وجه الدلالة: الآيات صريحة في إثبات حد الزنا بالشهادة.
الدليل الرابع: عن ابن عباس رضي الله عنه: أن هلال بن أمية (8) قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء (9) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك)،
(1) نيل الأوطار (7/ 126)، وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (4/ 37):"أجمع الفقهاء على ثبوت الزنا بالشهادة".
(2)
أضواء البيان (5/ 373).
(3)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 164)، العناية شرح الهداية (5/ 214)، فتح القدير (5/ 214).
(4)
انظر: المحلى (12/ 209).
(5)
سورة النساء، آية (15).
(6)
سورة النور، آية (4).
(7)
سورة النور، آية (13).
(8)
هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس الأنصاري، شهد بدرًا وما بعدها، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك ثم تيب عليهم مع كعب بن مالك ومرارة بن الربيع، وله قصة في لعانه مع امرأته، لا يُعرف سنة وفاته. انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/ 1542، معرفة الصحابة 5/ 2749، الإصابة في تمييز الصحابة 6/ 546.
(9)
هو شريك بن سَحْماء، نسبة لأمه، واسم أبيه عبدة بن مغيث بن الجد بن العجلان البلوي حليف الأنصار، شهد مع أبيه أحدًا، وهو أخو البراء بن مالك لأمه، وله قصة حيث قذفه هلال ابن أمية بأنه زنى بامرأته. انظر: الاستيعاب 2/ 705، الإصابة 3/ 344، الوافي بالوفيات 5/ 204.
فقال: يا رسول اللَّه، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة؟
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (البينة وإلا حد في ظهرك)(1).
الدليل الخامس: عن سعد بن عبادة رضي الله عنه (2) أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو وجدتُ مع امرأتي رجلًا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: (نعم)(3).
الدليل السادس: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان فيما أنزل اللَّه آية الرجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، ورجم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: واللَّه ما نجد الرجم في كتاب اللَّه تعالى، فيضلوا بترك فريضة أنزلها اللَّه تعالى، والرجم في كتاب اللَّه حق على من أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف" متفق عليه (4).
• وجه الدلالة من الأحاديث: أن المقصود بالبينة في الحديث هي الشهادة لإثبات الزنا (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2526).
(2)
هو أبو ثابت، سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن حرام بن خزيمة بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، سيد الخزرج، كان يكتب بالعربية ويحسن العوم والرمي فكان يقال له الكامل، شهد أحدًا، والخندق، وغيرهما، مات سنة (14 هـ). انظر: الاستيعاب 2/ 594، معجم الصحابة 3/ 13، الإصابة 3/ 65.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1488)، وأصله عند البخاري رقم (6454).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6441)، ومسلم رقم (1691).
(5)
انظر: نيل الأوطار (7/ 126).