الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه استثنى ذكر عقوبات القاذف بالجلد ورد الشهادة والفسق، ثم استثنى من ذلك التائب، وهذا الاستثناء الأصل عوده إلى جميع ما سبق من العقوبات (2).
الدليل الثاني: عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)(3).
• وجه الدلالة: فيه دلالة على أن التائب من الذنب مساوٍ لمن لا ذنب له، ويدخل في ذلك من تاب من الذنب الذي بموجبه وجب عليه الحد.
النتيجة:
ثمة مسألتان: الأولى: أن توبة القاذف تزيل عنه اسم الفسق، فهذه فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف.
الثانية: أن توبة القاذف تزيل عنه الحد، فهذه فيما يظهر ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الشعبي، وبعض الشافعية، واللَّه تعالى أعلم.
[204/ 3] القاذف إن أقيم عليه الحد ولم يتب من القذف فإنه تسقط شهادته
.
• المراد بالمسألة: إن ثبت على شخص حد القذف، وأقيم عليه الحد، ولم يتب من ذلك الفعل، فإن شهادته تكون مردودة لا تقبل.
ويتبيَّن مما سبق أمران: الأول: أن القاذف إن ثبت عليه الحد لكنه لم يُقم عليه الحد، فمسألة غير مرادة.
(1) سورة النور، آية (4 - 5).
(2)
انظر: تفسير القرطبي (12/ 179).
(3)
أخرجه ابن ماجه رقم (4250).
الثاني: القاذف إن أقيم عليه الحد، ثم تاب من القذف، فمسألة غير مرادة (1).
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أن القاذف ما لم يتب لا تقبل له شهادة"(2). وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "اتفقوا على أنه يجب على القاذف مع الحد سقوط شهادته ما لم يتب"(3).
وقال ابن جزي (741 هـ): "وتسقط شهادة القاذف إذا حد اتفاقًا"(4). وقال ابن القيم (751 هـ): "القاذف إذا حد للقذف لم تقبل شهادته بعد ذلك، وهذا متفق عليه بين الأمة قبل التوبة"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (6)، والشافعية (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (9).
• وجه الدلالة: الآية صريحة بأن القاذف مردود الشهادة.
الدليل الثاني: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما شهد عنده أبو بكرة رضي الله عنه ونافع بن الحارث، وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بالزنا، فحدَّهم حد القذف ثم قال لهم:"توبوا تقبل شهادتكم"(10).
(1) انظر: المغني (10/ 190)، وسيأتي بيان حكم القادف إن تاب هل تقبل شهادته أو لا في المسألة رقم 205 بعنوان:"إذا تاب القاذف قبلت شهادته".
(2)
المحلى (134).
(3)
بداية المجتهد (2/ 364).
(4)
القوانين الفقهية (235).
(5)
إعلام الموقعين (1/ 95).
(6)
انظر: البناية شرح الهداية (9/ 137)، فتح القدير (7/ 104).
(7)
انظر: أسنى المطالب (4/ 357)، مغني المحتاج (6/ 363).
(8)
انظر: المحلى (8/ 529).
(9)
سورة النور، آية (4).
(10)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(7/ 384)، وابن حزم في "المحلى"(8/ 530)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 152).