الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: مسائل الإجماع العامة فيما يتعلق بإقامة الحدود
[49/ 1] لا يباح كسر العظام في ضرب الحدود
.
• المراد بالمسألة: إذا وجب الجلد على شخص سواء كان ذلك بموجب حد كزنى غير المحصن، أو شرب خمر، أو قذف، أو بموجب التعزير، فإنه لا يباح أن يُكسر عظمٌ في ذلك الجلد.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "أما كسر العظام: فلا يقول بإباحته في ضرب الحدود أحد من الأمة بلا شك"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع: الأول: عن زيد بن أسلم (6): "أن رجلًا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسوط، فأُتي بسوط مكسور، فقال:(فوق هذا)، فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: (بين
(1) المحلى (12/ 82).
(2)
انظر: البحر الرائق (5/ 31)، نصب الراية (4/ 115)(5/ 233).
(3)
انظر: المدونة (4/ 513)، المنتقى شرح الموطأ (3/ 145)، التاج والإكليل لمختصر خليل (8/ 435).
(4)
انظر: الأم (8/ 374)، أسنى المطالب (4/ 160)، تحفة المحتاج (9/ 194).
(5)
انظر: المغني (9/ 142)، الفروع (6/ 55)، كشاف القناع (6/ 81).
(6)
هو أبو أسامة، زيد بن أسلم العدوي، المدني، الفقيه، العابد، مولى عمر رضي الله عنه، روى عن جملة من الصحابة كأبي هريرة، وابن عمر، وعائشة وجابر رضي الله عنهم، وثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وغيرهم، مات سنة (136 هـ). انظر: شذرات الذهب 1/ 188، العبر في خبر من غبر 1/ 183، تهذيب التهذيب 3/ 341.
هذين)، فأتي بسوط قد لان ورُكِبَ به (1)، فأمر به، فجُلد" (2).
• وجه الدلالة: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشديد كيلا يجرح، فمن باب أولى النهي عن ما يكسر العظم (3).
الدليل الثاني: عن أبي عثمان النهدي (4) قال: أُتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حد -ما أدري ما ذلك الحد-، فأُتي بسوط فيه شدة، فقال: أريد ما هو
(1) رُكِب به - بضم الراء وكسر الكاف -: أي ركب به الراكب على الدابة، وضربها حتى لان. انظر: نيل الأوطار (7/ 137).
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (5/ 1205)، والشافعي في الأم (6/ 157)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 540)، وعبد الرزاق في المصنف (7/ 369)، والبيهقي في السنن الصغري (3/ 345)، عن زيد بن أسلم مرسلًا. وقد ضعف الحديث جمع من أهل العلم؛ لعلة الإرسال، منهم الشافعي في "الأم" حيث قال (6/ 157)"هذا حديث منقطع ليس مما يثبت به هو نفسه حجة"، وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (13/ 73):"غير متصل الإسناد"، وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 497):"لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث، ولا أعلمه يستند بهذا اللفظ من وجه من الوجوه". وحَكى إرساله جمع من أهل العلم منهم ابن حزم في "المحلى"(12/ 84)، والشوكاني في "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار"(3/ 1660)، والألباني في "إرواء الغليل"(7/ 364).
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(4/ 145): "وهذا مرسل، وله شاهد عند عبد الرزاق عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير نحوه، وآخر عند ابن وهب من طريق كريب مولى ابن عباس بمعناه، فهذه المراسيل الثلاثة، يشد بعضها بعضًا". وتعقَّبه الألباني في "إرواء الغليل"(7/ 364) بقوله: "كذا قال، وفيه نظر لاحتمال رجوع هذه المراسيل إلى شيخ تابعي واحد، ويكون مجهولًا".
(3)
انظر: المغني (9/ 142).
(4)
هو أبو عثمان، عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدى بن وهب بن ربيعة بن سعد ابن حمير النهدي، الكوفي، سكن البصرة، من كبار التابعين، سلم على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يلقه، مات سنة (95 هـ). انظر: الأنساب 5/ 542، معجم الشيوخ 270، تهذيب التهذيب 6/ 249.