الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: أن الواطئ مع حُرمة فعله إلا أن له شبهة في ذلك الفعل وهو الملك، وهذه الشبهة كما تدفع عنه الحد، فإنها توجب عفَّته، وعدم زوال إحصانه (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن بعض الحنفية، والمالكية، وبعض الشافعية.
وحكاية ابن نجيم للإجماع في المسألة لعلَّه وْهم، واللَّه تعالى أعلم.
[177/ 3] حد القذف فيه حق الشرع وحق العبد
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف شخصٌ آخر بما يوجب الحد، فإن هذا القذف تعلَّق به حقَّان: الأول: حق للعبد، وذلك في إيذائه بما قُذف به، فشرع له الحد دفعًا للعار عن نفسه.
الثاني: حقٌ للَّه تعالى، وذلك بإيجاب الحد على القاذِف، زجرًا له ولغيره عن هذا الفعل.
والمراد هنا تقرير أن القذف تعلَّق به هذين الحقين، أما أيُّهما يُغلب فمسألة أخرى غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال المرغيناني (593 هـ): "ولا خلاف أن فيه حق الشرع وحق العبد"(2) ونقله عنه أبو بكر العبادي (3) وبمثله قال الزيلعي (743 هـ)(4)، وابن الهمام (861 هـ) (5). وقال العيني (855 هـ):" (ولا خلاف أن فيه) أي في حد القذف (حق الشرع وحق العبد) وهذا لا خلاف فيه"(6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (7)،
(1) انظر: المبسوط (9/ 116).
(2)
الهداية في شرح بداية المبتدي (2/ 357).
(3)
انظر: الجوهرة النيرة (2/ 158).
(4)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 203).
(5)
فتح القدير (5/ 326).
(6)
البناية شرح الهداية (6/ 371).
(7)
انظر: الذخيرة (5/ 93)، شرح مختصر خليل (6/ 99).
والشافعية (1)، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن المقصود من تشريع حد القذف هو دفع العار عن المقذوف، فمن هذا الوجه كان الحد حقًا له، ومن مقاصده الزجر والتطهير، ومن هذا الوجه كان حقًا له تعالى (3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن حد القذف حق للَّه تعالى لا مدخل للمقذوف فيه. وبه قال الظاهرية (4).
• دليل المخالف: استدل ابن حزم لقوله بما يلي:
الدليل الأول: قصة الإفك في قذف عائشة رضي الله عنها، وإقامة النبي صلى الله عليه وسلم الحد على من قذفها بالزنا (5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام حد القذف على من رمى عائشة بالزنا، ولم يسأل عائشة هل تريد المطالبة بحقها أو لا، وهل ستعفوا عنهم أو لا.
الدليل الثاني: أن حد القذف من جملة الحدود، والحدود حق محض للَّه تعالى ولو كان فيه إساءة للمخلوق.
الدليل الثالث: القياس على حد السرقة والحرابة، فكما أن حدي السرقة والحرابة حق خاص باللَّه تعالى، مع أن فيه إساءة للمسروق منه أو من تعرَّض للحرابة، فكذا القذف (6).
(1) انظر: المجموع (20/ 73)، مغني المحتاج (6/ 321).
(2)
انظر: دقائق أولي النهى (3/ 354)، حاشية الروض المربع (7/ 648).
(3)
انظر: البناية شرح الهداية (6/ 371).
(4)
انظر: المحلى (12/ 256).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2518)، ومسلم رقم (2770).
والحديث طويل سيأتي ذكره بطوله في المسألة رقم 211 بعنوان: "من قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها اللَّه منه كفر".
(6)
انظر: المحلى (12/ 256).