الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم تزوج ابنتها أو أمها فوطئها سقطت عفته بالإجماع" (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع المالكية (2)، والشافعية (3) والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن هذا نكاح مجمع على فساده، ولا مجال للاجتهاد فيه، فهو كمن وقع في الزنا صراحة، وتحيَّل على ذلك بعقد الزوجية (5).
الدليل الثاني: أن القاذف لم يكذب في قوله، فالمقذوف زانٍ في الحقيقة، ومن أسقط عنه الحد فإنما هو بموجب الشبهة التي تُدرأ بها الحدود (6).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[183/ 3] يشترط لإقامة الحد على القاذف أن يكون المقذوف عاقلًا، بالغًا
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف شخص آخر بالزنا، فإن من شرط إقامة الحد على القاذف أن يكون المقذوف بالغًا حين القذف، وأن يكون عاقلًا، فلا حد على من قذف الصبي أو الصبية اللذين لم يبلغا، ولا حد على من قذف المجنون.
• من نقل الإجماع: قال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "وأما المقذوف فاتفقوا على أن من شرطه أن يجتمع فيه خمسة أوصاف وهي: البلوغ، والحرية، والعفاف، والإسلام، وأن يكون معه آلة الزنا، فإن انخرم من هذه الأوصاف
(1) بدائع الصنائع (7/ 41).
(2)
انظر: التاج والإكليل (8/ 404)، حاشية الدسوقي (4/ 326). وذلك أن المالكية ينصون على أن المسقط للعفة هو كل وطء أوجب الحد، وهم يرون أن من نكح من تحرم عليه على التأبيد وهو عالم بالتحريم فإنه لا يسقط عنه الحد. انظر: التاج والإكليل (8/ 393).
(3)
انظر: أسنى المطالب (3/ 375)، تحفة المحتاج (8/ 210)، نهاية المحتاج (7/ 109).
(4)
انظر: المغني (9/ 86)، كشاف القناع (6/ 106).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 41).
(6)
انظر: المبسوط (9/ 116).
وصف، لم يجب الحد" (1) ونقله عنه ابن قاسم (2). وقال ابن قدامة (620 هـ):"وشرائط الإحصان الذي يجب الحد بقذف صاحبه، خمسة: العقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا، وأن يكون كبيرًا يجامع مثله. وبه يقول جماعة العلماء قديمًا وحديثًا، سوى ما روي عن داود، أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(3).
وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ): "والمحصن من وجدت فيه خمس شرائط: أن يكون حرًا، مسلمًا، عاقلًا، بالغًا، عفيفًا، وهذا إجماع وبه يقول جملة العلماء قديمًا وحديثًا، سوى ما روي عن داود أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(4). وقال ابن الهمام (861 هـ): "وأما العقل والبلوغ ففيه إجماع، إلا ما عن أحمد أن الصبي الذي يجامع مثله محصن فيحد قاذفه"(5).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "والمحصن هو الحر، المسلم، العاقل، العفيف، الذي يجامع مثله. . . فهذه الخمسة شروط الإحصان وبه يقول جماعة الفقهاء قديمًا وحديثًا سوى ما روي عن داود أنه أوجب الحد على قاذف العبد"(6). وقال العيني (855 هـ): " (أن يكون المقذوف حرًا، عاقلًا، بالغًا، مسلمًا، عفيفًا عن فعل الزنا) هذا باتفاق العلماء"(7).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الشافعية (8)، والحنابلة في رواية (9).
(1) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 362).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 333).
(3)
المغني (9/ 76).
(4)
العدة شرح العمدة (599).
(5)
فتح القدير (5/ 319).
(6)
الشرح الكبير على متن المقنع (10/ 211).
(7)
البناية شرح الهداية (6/ 364).
(8)
انظر: أسنى المطالب (3/ 374)، مغني المحتاج (5/ 58).
(9)
انظر: المغني (9/ 76)، كشاف القناع (6/ 106)، الإنصاف (10/ 204).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(1).
• وجه الدلالة: أن البلوغ والعقل شرطان للتكليف، والصبي أو المجنون إن ثبت زناه فلا يجب عليه الحد، فلا يجب الحد بقذفه (2).
الدليل الثاني: أن حد القذف المراد منه دفع المعرَّة عن المقذوف، ولا معرة على غير البالغ؛ لأن فعله للوطء لا يوصف بأنه زنا (3).
• المخالفون للإجماع: المخالفون في المسألة على قولين:
القول الأول: لا يشترط لإقامة حد القذف أن يكون المقذوف بالغًا، فمتى كان الصبي أو الصبية يطيق أحدهما الوطء، فعلى من قذفه الحد.
وهو قول المالكية (4)، والحنابلة (5)، وبهذا يتبين أن أصحاب هذا القول قيدوه بإطاقة الوطء.
القول الثاني: أن قذف من لم يبلغ يوجب الحد مطلقًا، أطاق الوطء أو لم يطقه، وكذا قذف المجنون يوجب الحد. وهو قول الظاهرية (6).
• دليل المخالف: أما من قال بأن شرط المقذوف إطاقته للوطء فعلل ذلك
(1) أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403).
(2)
انظر: الحاوي في فقه الشافعي (13/ 255)، المغني (9/ 76).
(3)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 341).
(4)
التاج والإكليل (8/ 404)، الفواكه الدواني (2/ 210).
وإن كان المالكية يفصلون فيقولون: من قذف الصبية التي يوطأ مثلها بالزنا فعليه الحد، أما من قذف الصبي الذي مثله يطيق الوطء فعلى حالين: إن قذفه بأنه زنى فلا حد حتى يبلغ، أما إن قذفه بأنه فُعل به فعليه الحد.
(5)
انظر: المغني (9/ 76)، كشاف القناع (6/ 106)، الإنصاف (10/ 204).
(6)
انظر: المحلى (12/ 233).