الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل مُسكِر ومفتِّر (1) " (2).
• وجه الدلالة: الحديث صريح في النهي عن كل مفتِّر، والحشيشة إن لم تُسكر فهي من المفترات (3).
الدليل الرابع: أن العلة من تحريم الخمر هي الإسكار، وهذه العلة موجودة في الحشيشة إذا أسكرت، فالضرر الحاصل بالحشيشة كالضرر الحاصل في الخمر، وربَّما أشد (4).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[237/ 4] قبول توبة شارب الخمر
.
• المراد بالمسألة: إذا شرب شخص الخمر حتى سكر منه، سواء فعل ذلك مرة أو مرارًا، ثم تاب من ذلك الفعل، فإن توبته تُقبل عند اللَّه تعالى.
ويتبين مما سبق أن المراد سقوط إثم الشرب المحرَّم فيما بينه وبين اللَّه تعالى، أما سقوط الحد، فمسألة أخرى.
(1) قال الخطابي في "معالم السنن"(4/ 267): "المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهو مقدمة السكر، نهي عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر".
(2)
أخرجه أحمد (44/ 246)، وأبو داود رقم (3686)، من طريق الحكم بن عتيبة عن شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنها.
والحديث ضعفه جمع من أهل العلم بسبب تفرُّد شهر بن حوشب بلفظة "مفتر" وشهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام.
وممن ضعف الحديث ابن دقيق العيد في "الإلمام بأحاديث الأحكام"(1/ 337) فقال: "حديث ضعيف بهذا الإسناد"، وكذا الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (10/ 278) فقال:"هذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ شهر بن حوشب".
بينما أثبته ابن حجر فيْ فتح الباري" (10/ 44) حيث قال: "أخرجه أبو داود بسند حسن".
(3)
انظر: فتح الباري (10/ 45).
(4)
انظر: مجموع الفتاوى (34/ 224).
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "واتفقوا أن التوبة من الكفر مقبولة ما لم يوقن الإنسان بالموت بالمعاينة، ومن الزنا، ومن فعل قوم لوط، ومن شرب الخمر"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (2)، الشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عموم الأدلة الدالة على عفو اللَّه تعالى ومغفرته للذنوب بالتوبة، ومنها:
الدليل الثاني: عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التائب من
(1) مراتب الإجماع (176).
(2)
انظر: فتح القدير (7/ 368)، البحر الرائق (5/ 3).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 131)، نهاية المحتاج (8/ 8).
(4)
انظر: المغني (9/ 71)، مطالب أولي النهى (6/ 168).
(5)
سورة الفرقان، آية (68 - 70).
(6)
سورة الزمر، آية (53).
(7)
سورة آل عمران، آية (135 - 136).
الذنب كمن لا ذنب له" (1).
• وجه الدلالة: فيه دلالة على أن التائب من الذنب مساوٍ لمن لا ذنب له، ويدخل في ذلك من تاب من شرب الخمر.
الدليل الرابع: ما جاء في قصة ماعز رضي الله عنه حين أقيم عليه الحد، ووجد مس الحجارة، ففرَّ يشتد حتى مر برجل معه لحي جمل، فضربه به، وضربه الناس، حتى مات، فذكروا ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنه فر حين وجد مس الحجارة، ومس الموت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب اللَّه عليه)(2).
الدليل الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجل أكره امرأة على الزنا، ثم جاء تائبًا، فلم يرجمه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:(اذهب فقد غفر اللَّه لك)(3).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الصحابة رضي الله عنهم إلى أن الأفضل حين هرب ماعز رضي الله عنه أن يتركوه لتوبته، ولا يقيموا عليه الحد، وكذا لم يُقم الحد على من أكره المرأة على الزنا، وهو دليل على قبول التوبة منه، وهذا إن كان في الزنا ففي شرب الخمر من باب أولى؛ لأنه أخف من الزنا (4).
الدليل السادس: عموم الأدلة الدالة على إباحة ستر الإنسان على نفسه ما ارتكبه مما يوجب الحد، ويدخل في ذلك حد شرب الخمر (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) أخرجه ابن ماجه رقم (4250).
(2)
أخرجه أحمد (24/ 322)، والترمذي رقم (1428)، وأبو داود رقم (4419)، وابن ماجه رقم (2554).
(3)
أخرجه الترمذي رقم (1454)، وأبو داود رقم (4379).
(4)
انظر: إعلام الموقعين (2/ 60).
(5)
وقد سبق بيان المسألة بأدلتها في المسألة رقم 19 بعنوان: "يباح للإنسان أن يستر على نفسه الحد".