الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعية، ولذا قال ابن عبد البر في المسألة:"على هذا جمهور العلماء أنه لا حد على من وطئ أمة من ولده"(1)، فنسب القول للجمهور.
ويوجه كلام ابن قدامة أنه أراد الإجماع السكوتي في عصر مالك والأوزاعي الذي لا يُعلم له مخالف، وهذا لا ينفي الخلاف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[74/ 2] من وطئ فراشًا مباحًا في حال محرَّمة فهو عاص ولا حد عليه
.
• المراد بالمسألة: إذا وطئ الرجل امرأة تحل له كزوجته أو ملك يمينه، لكن كان وطؤه لها في حال محرَّمة كأن يكون في حيض أو إحرام أو صيام فرض ونحو ذلك، فإن فاعل ذلك لا يُعد زانٍ، ولا يقام عليه حد الزنا.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "من وطئ فراشًا مباحًا في حال محرمة، كواطئ الحائض، والمُحرِمة، والمُحرِم، والصائم فرضًا، والصائمة كذلك، والمعتكف، والمعتكفة، والمشرَّكة - فهذا عاصٍ وليس زانيًا بإجماع الأمة كلها"(2).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "ليس كل من وطئ فرجًا محرمًا عليه وطؤه يلزمه الحد؛ لإجماعهم أن لا حد على من وطئ صائمةً، أو معتكفةً، أو
(1) الاستذكار (7/ 525)، ونقل ابن القطان في "الإقناع" (2/ 254) هذه العبارة عن ابن عبد البر بلفظ:"على هذا جميع الفقهاء"، بدل قوله:"جمهور العلماء"، ولم أجد فيما اطلعت عليه من نسخ الاستذكار ما نقله ابن القطان بلفظ "جميع الفقهاء"، وقد أشار إلى عبارة جمهور العلماء محقق كتاب الإقناع أ. د/ فاروق حمادة، واللَّه أعلم.
(2)
المحلى (12/ 167)، وقال أيضًا في مراتب الإجماع (131):"واتفقوا أن وطء الحائض من الزوجات، وملك اليمين، والمُحْرمة، والصائم، والصائمة، والمعتكف، والمظاهر الذي ظاهر منها حرام، واتفقوا أنه لا حد في شيء من ذلك كله".
محرمةً، أو حائضًا، وهي له زوجة أو أمة" (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول اللَّه! قال: (وما أهلكك؟ ) قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال:(هل تجد ما تعتق رقبة؟ )، قال: لا، قال:(فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )، قال: لا، قال:(فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟ )، قال: لا، قال: ثم جلس، فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق (5) فيه تمر، فقال:(تصدق بهذا)، قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:(اذهب فأطعمه أهلك) متفق عليه (6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دل الرجل على كفارة معصيته بجماع أهله في نهار رمضان، وليس فيه إيجاب الحد عليه، وكذا جاء في الشريعة بيان أحكام من وطئ امرأته وهي حائض، أو حال الإحرام أو الاعتكاف أو نحو ذلك، ولم يأت في شيء منها إيجاب الحد، وإنما جاءت بالكفارة، أو إبطال العبادة من صوم أو إحرام واعتكاف ونحوه.
(1) الاستذكار (7/ 323)
(2)
انظر: مجمع الأنهر (1/ 53)، رد المحتار (1/ 297 - 298).
(3)
انظر: المجموع (2/ 390)، حاشيتا قليوبي وعميرة (5/ 82).
(4)
انظر: المغني (9/ 148)، الفروع (1/ 262).
(5)
العرق - بفتح العين والراء - قال النووي: "هذا هو الصواب المشهور في الرواية واللغة"، وقيل: بإسكان الراء، هو الزنبيل أو المِكتل. انظر: شرح النووي (7/ 225).
(6)
أخرجه البخاري رقم (1834)، ومسلم رقم (1111).
الدليل الثاني: أن الزنا إنما هو وطء امرأة بغير عقد أو ملك، والرجل الذي جامع في حال محرِّمة قد ملك المرأة بالنكاح أو ملك اليمين، فحرمة وطئها عليه ليست أصلية، وإنما هي لعارض (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: شرح مختصر خليل (8/ 78).