الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ) بعد أن ذكر عدم إقامة الحد في الحرم عن خمسة من الصحابة رضي الله عنهم: "فهؤلاء من الصحابة: عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو شريح، ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم (1).
• مستند الإجماع: سبق بيان مستند الإجماع والمخالفين، مع أدلتهم، في المسألة السابقة.
فأدلة المخالفين في المسألة السابقة هي أدلة مستند الإجماع في هذه المسألة.
وأدلة مستند الإجماع في المسألة السابقة هي أدلة المخالفين في هذه المسألة.
النتيجة:
أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
[15/ 1] من أتى ما يوجب الحد خارج الحرم، ثم لجأ للحرم، فلا يقام عليه الحد
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب الحد خارج الحرم، ثم لجأ للحرم، فإنه لا يُقام عليه الحد حتى يخرج من الحرم.
ويتبيَّن من هذا أن من أتى الحد داخل الحرم فذلك غير مراد، وقد سبق بيانه (2).
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ) بعد أن ذكر عدم إقامة الحد في الحرم عن خمسة من الصحابة رضي الله عنهم: "فهؤلاء من الصحابة: عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو شريح، ولا مخالف لهم من
(1) المحلى (11/ 145).
(2)
انظر: المسألة رقم 13 بعنوان: "من أتى ما يوجب الحد داخل الحرم، فيقام عليه الحد فيه".
الصحابة رضي الله عنهم" (1).
وقال ابن القيم (751 هـ): "من أتى حدًا أو قصاصًا خارج الحرم يوجب القتل، ثم لجأ إليه، لم يجز إقامته عليه فيه. . . وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم، بل لا يحفظ عن تابعي ولا صحابي خلافه"(2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} (3).
الدليل الثاني: قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (4).
• وجه الدلالة من الآيتين: في الآيتين دلالة على أن الحرم أمان لكل أحد، وهو عام يدخل فيه الأمن من إقامة الحد على من وجب عليه (5).
الدليل الثالث: عن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد -وهو يبعث البعوث إلى مكة-: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به، حمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال:(إن مكة حرمها اللَّه، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا. . . . الحديث) متفق عليه (6).
• وجه الدلالة: في الحديث تصريح بحرمة مكة، وحرمة سفك الدم فيها، وهذا عام يدخل فيه الحدود التي فيها سفك للدم كالرجم، وقطع اليد، والقتل.
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن من أتى حدًا خارج الحرم ثم لجأ للحرم فيقام عليه الحد في الحرم.
(1) المحلى (11/ 145).
(2)
زاد المعاد (3/ 388).
(3)
سورة البقرة، آية (125).
(4)
سورة آل عمران، آية (96 - 97).
(5)
انظر: المحلى (11/ 151).
(6)
أخرجه البخاري (رقم: 104)، ومسلم رقم (1354).
وهو مذهب المالكية (1)، والشافعية (2)، ورواية عن أحمد (3).
• دليل المخالف: الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحُديَّا، والغراب، والكلب العقور) متفق عليه (4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علل إباحة قتل هذه الأشياء في الحرم بفسقهن وعدوانهن، ومرتكب ما يوجب الحد فيه فسق وعدوان، فيُعم الحكم بعموم العلة (5).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (اقتلوه) متفق عليه (6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن خطل وهو في الحرم متعلق بأستار الكعبة، وهو يدل على أن حرمة القتل في الحرم، وكونه آمنًا، ليست على عمومه (7).
الدليل الثالث: أن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن ارتكاب المعاصي كغيرهم؛ حفظًا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فلو لم يشرع الحد في حق من ارتكب الحد في الحرم لتعطلت حدود اللَّه تعالى في حقهم، وفاتت هذه
(1) انظر: حاشية الدسوقي (4/ 261).
(2)
انظر: المجموع (7/ 465).
(3)
انظر: المغني (9/ 90).
(4)
أخرجه البخاري رقم (3314)، ومسلم رقم (1198).
(5)
انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/ 67)، طرح التثريب (5/ 56).
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1749)، ومسلم رقم (1357).
(7)
انظر: المتقى شرح الموطأ (3/ 80)، طرح التثريب (5/ 86)، سبل السلام (2/ 479).