الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية.
ولعل مراد الكاساني بنفي الخلاف في المسألة هو نفي الخلاف المذهبي، واللَّه تعالى أعلم.
[219/ 3] المجلود في حد القذف لا يجرد من ملابسه أثناء الجلد
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت على شخص ما يوجب حد القذف، فإن صفة إقامة الحد على القذف أنه لا يُجرد عن ملابسه، فلا يكون الجلد مباشر للجسد بدون ملابس، وإنما يمكَّن من لبس قميص ونحوه، ويُنزع عنه ما يمنع وصول الألم من فروة ونحوها.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "ولا يجرَّد في حد القذف بلا خلاف"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الشافعية (2)، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول ابن مسعود رضي الله عنه: "لا يحل في هذه الأمة تجريد، ولا مد، ولا غل، ولا صفد"(4).
الدليل الثاني: أن وجوب حد القذف سببه متردد محتمل، فإنَّ القاذف قد يكون صادقًا لكن ليس معه بينة، ولذا فيراعى فيه التخفيف بترك التجريد (5).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن المحدود بالجلد إن كان
(1) بدائع الصنائع (7/ 60).
(2)
انظر: أسنى المطالب (4/ 161)، روضة الطالبين (7/ 379).
(3)
انظر: كشاف القناع (6/ 85)، الإنصاف (10/ 155). والمذهب عند الحنابلة أنه لا يُجرَّد المحدود في جلد في جميع الحدود.
(4)
أخرجه البيهقي في "السنن الصغرى"(3/ 345).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 60).
رجلًا فإنه يجرَّد من ملابسه سواء كان حد قذف أو غيره. وهو قول المالكية (1).
• دليل المخالف: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (2).
• وجه الدلالة: الآية فيها أمر بجلد القاذف، وهذا يقتضي المباشرة بالضرب.
الدليل الثاني: أن حد القذف حد واجب فوجب إعراؤه عن الثياب كالزنا وغيره من الحدود (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم في حق الرجل؛ لثبوت الخلاف عن المالكية، وقد نص على الخلاف جماعة من أهل العلم منهم ابن هبيرة حيث قال: "واختلفوا هل يجرَّد: فقال أبو حنيفة: لا يجرد في حد القذف خاصة، ويجرد فيما عداه. وقال الشافعي: لا يجرد على الإطلاق.
وقال أحمد: لا يجرد في الحدود كلها بل تضرب فيما لا يمنع ألم الضرب كالقميص والقميصين. وقال مالك: يجرَّد في الحدود كلها" (4).
وهذا الخلاف في الرجل أما في حق المرأة فالمسألة محل إجماع بين أهل العلم أنها لا تُجرَّد من ملابسها.
ولعل مراد بالكاساني نفي الخلاف في المذهب الحنفي، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: المنتقى شرح الموطأ (7/ 143)، التاج والإكليل لمختصر خليل (8/ 436)، الفواكه الدواني (2/ 212).
(2)
سورة النور، آية (4).
(3)
انظر: المنتقى شرح الموطأ (7/ 143).
(4)
الإفصاح في معاني الصحاح (2/ 269).