الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[227/ 4] يحرم قليل الخمر وكثيره
.
[228/ 4] من شرب من الخمر ما لا يحصل به الإسكار، ولو قطرة واحدة، أقيم عليه الحد
.
• المراد بالمسألتين: هاتان المسألتان أعم من المسألتين السابقتين، فالسابقتان هما في الخمر المتخذ من عصير العنب، أما هاتان المسألتان فهما في كل خمر، وهي عند الحنفية خاصة بعصير العنب إذا اشتد وقذف بالزبد، وعند الجمهور هي كل مسكر.
فمن شرب من هذا الخمر -على الخلاف في ضابطه-، فإنه قد ارتكب محرَّمًا، ووجب عليه الحد.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "كل شيء أسكر كثيره أحدًا من الناس فالنقطة منه فما فوقها إلى أكثر المقادير خمر، حرام ملكه، وبيعه، وشربه، واستعماله على أحد، وعصير العنب، ونبيذ التين، وشراب القمح، والسيكران (1)، وعصير كل ما سواها، ونقيعه، وشرابه، طُبخ كل ذلك أو لم يطبخ ذهب أكثره أو أقله، سواء في كل ما ذكرنا، ولا فرق، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي سليمان وغيرهم، وفي هذا اختلاف قديم وحديث، بعد صحة الإجماع على تحريم الخمر قليلها وكثيرها"(2).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمعوا على أن قليل الخمر من العنب فيه من الحد مثل ما في كثيرها ولا يراعى السكر فيها"(3).
(1) السيكران هو نوع من النباتات المُسكِرة له حبٌّ يؤكل، ويقال له: الشوكران، والشيكران. انظر: لسان العرب، مادة (سكر)(4/ 372)، تاج العروس (12/ 61).
(2)
المحلى (6/ 176).
(3)
الاستذكار (8/ 3)، وقال أيضًا (8/ 10): "فإن أهل العلم مجمعون من صدر الإسلام إلى اليوم أن الحد واجب في قليل الخمر وكثيرها، إذا كانت خمر عنب، على من شرب شيئا منها، فأقر =
وقال ابن هبيرة (560 هـ): "اتفقوا على أن الخمر حرام قليلها وكثيرها، وفيها الحد"(1). وقال الكاساني (587 هـ): "يحد شاربها قليلًا أو كثيرًا لإجماع الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم على ذلك"(2).
وقال ابن رشد (595 هـ): "فأما الموجِب فاتفقوا على أنه شُرْب الخمر دون إكراه، قليلها وكثيرها"(3). وقال ابن القطان (628 هـ): "وأجمعوا أن في شرب قليل الخمر وكثيرها الحد، لا أعلم فيه خلافًا بين الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين، وفقهاء المسلمين"(4).
وقال النووي (676 هـ): "وأما الخمر فقد أجمع المسلمون على تحريم شرب الخمر، وأجمعوا على وجوب الحد على شاربها، سواء شرب قليلًا أو كثيرًا"(5).
وقال الشوكاني (1250 هـ): "أجمع المسلمون على وجوب الحد على شاربها سواء شرب قليلًا أو كثيرًا، ولو قطرة واحدة"(6).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب في الرابعة فاقتلوه)(7).
= به أو شهد عليه بأنه شربها، لا يختلفون في ذلك، وقال أيضًا (8/ 24):"أن المسلمين مجمعون على تحريم خمر العنب ووجوب الحد على شارب قليلها".
(1)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 291).
(2)
بدائع الصنائع (10/ 447).
(3)
بداية المجتهد (2/ 364).
(4)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 245).
(5)
شرح النووي (11/ 217).
(6)
نيل الأوطار (8/ 207).
(7)
أخرجه أحمد (13/ 183)، وأبو داود رقم (4484)، والنسائي رقم (5662).
وأخرجه الترمذي رقم (1444)، من حديث معاوية رضي الله عنه.
والحديث له طرق كثيرة حيث جاء من رواية أبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وقبيصة بن ذؤيب، وأبي سعيد، وشرحبيل بن أوس، وعبد اللَّه بن عمرو، وغيرهم.
والحديث صححه جماعة من أهل العلم منهم الحاكم في "المستدرك"(4/ 413) حيث قال: =
• وجه الدلالة: الحديث عام بعقاب شارب الخمر، ولم يقيده بشرب ما أسكر منه، فكل خمر يحرم شربه مطلقًا (1).
الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)(2).
• وجه الدلالة: الحديث أمر بأن ما نهى عنه الشارع فيجب اجتنابه كلَّه، والخمر من جملة ما نهى عنه الشارع.
النتيجة:
المسألتان فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، مع التنبيه إلى أن الإجماع هو في تحريم قليل الخمر مع خلافهم فيما يقع عليه اسم الخمر (3)، واللَّه تعالى أعلم.
= "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا ابن حزم في "المحلى"(12/ 368)، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 73):"هو حديث مخرج في السنن من عدة طرق أسانيدها قوية"، ثم ذكر طرق الحديث وبين علة كل طريق أو صحته، وصححه والألباني كما في "صحيح الترغيب والترهيب"(2/ 302).
وأكثر المحقَّقين على صحة الحديث لكنه منسوخ لا يُعمل به، إلا إن كان من باب التعزير، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (34/ 219):"هو مروي من وجوه متعددة، وهو ثابت عند أهل الحديث، لكن أكثر العلماء يقولون: هو منسوخ"، وقال أيضًا (28/ 336):"والقتل عند أكثر العلماء منسوخ، وقيل: هو محكم، يقال: هو تعزير يفعله الإمام عند الحاجة"، واللَّه تعالى أعلم.
(1)
انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (6/ 61).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الفضائل، باب: توفيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع ونحو ذلك رقم (1337).
(3)
سبق أن الأحناف يرون أن الخمر خاص بعصير العنب إذا اشتد وقذف الزبد، أما غيره مما يُسكر فليس بخمر، وإنما هو مُسكر، وعلى هذا فهم يحرمون الخمر من العنب ويرون وجوب الحد في قليله الذي لا يبلغ حد الإسكار به، ولو قطرة واحدة منه، أما غير العنب فإذا كان مُسكرًا فيحرم =