الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[202/ 3] توبة القاذف لا ترفع عنه الحد
.
[203/ 3] توبة القاذف تزيل عنه الفسق
.
• المراد بالمسألتين: إذا قذف شخص آخر بما يوجب حد القذف، فإنه يترتب على ذلك ثلاثة أمور: الأول: إقامة حد القذف عليه. الثاني: الحكم عليه بالفسق. الثالث: عدم قبول شهادته.
فإن تاب من القذف فإن هذه التوبة يترتب عليها سقوط اسم الفسق عنه، أما الحد فإنه لا يسقط بتوبته، وبهذا يتبيَّن أن مسألة قبول شهادته من عدمها ليست مرادة هنا، وسيأتي ذكرها في مسألة مستقلة (1).
• من نقل الإجماع: قال الماوردي (450 هـ): "فإن من قذف لم يسقط عنه بالتوبة الجلد باتفاق، وزال فسقه باتفاق"(2). وقال ابن العربي (543 هـ): "ولا خلاف في أن التوبة تسقط الفسق"(3).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "فإن تاب لم يسقط عنه الحد، وزال الفسق، بلا خلاف"(4)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (628 هـ) (5). وقال ابن عطية (542 هـ) في آية حد القذف:"فتضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبدًا، وفسقه، فالاستثناء غير عامل في جلده بإجماع، وعامل في فسقه بإجماع"(6).
وقال القرطبي (671 هـ) في آية حد القذف: "فتضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبدًا، وفسقه، فالاستثناء غير عامل في جلده بإجماع، إلا ما روى عن الشعبي على ما يأتي، وعامل في فسقه بإجماع"(7).
(1) انظر المسألة رقم 205 بعنوان: "إذا تاب القاذف قبلت شهادته".
(2)
الحاوي في فقه الشافعي (17/ 25).
(3)
أحكام القرآن (3/ 345).
(4)
المغني (10/ 190).
(5)
الشرح الكبير على متن المقنع (12/ 61).
(6)
المحرر الوجيز (4/ 200).
(7)
تفسير القرطبي (12/ 179).
وقال الثعالبي (875 هـ) في آية حد القذف: "ثم استثنى تعالى من تاب وأصلح من بعد القذف، فالاستثناء غير عامل في جلده بإجماع، وعامل في فسقه بإجماع"(1). وقال الشوكاني (1350 هـ) في آية حد القذف: "اتفاقهم على أنه لا يعود إلى جملة الجلد بل يجلد التائب كالمصر وبعد إجماعهم أيضًا على أن هذا الاستثناء يرجع إلى جملة الحكم بالفسق"(2).
ويضاف إليها نقولات أهل العلم التي سبقت في أن التوبة لا ترفع الحد (3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن القذف فيه حق لآدمي، وهو دفع العار عنه، فلا يزول حد الجلد بالتوبة، بخلاف رد شهادته فإنها مبنية على فسقه بالقذف، فإذا تاب زال عنه سبب فسقه (6).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الحدود تسقط بالتوبة، ولم يُفرِّقوا بين حد القذف وغيره، وهو قول الشعبي (7)، وبعض الشافعية كالماوردي، والروياني، والمحاملي (8)، وهو ظاهر اختيار ابن القيم من الحنابلة (9).
• دليل المخالف: الدليل الأول: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
(1) تفسير الثعالبي (3/ 109).
(2)
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير (4/ 13)، وممن نقل الإجماع المباركفوري في "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (1/ 78) حيث قال:"في آية حد القذف. . . الجلد لا يرتفع بالتوبة، فإنه يجلد التائب كالمصر بالإجماع".
(3)
انظر المسألة رقم 21 بعنوان: "التوبة لا ترفع الحد، عدا الحرابة قبل بلوغها للإمام".
(4)
انظر: فتح القدير (5/ 211)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 3).
(5)
انظر: المحلى (12/ 22).
(6)
إعلام الموقعين (1/ 97 - 98).
(7)
انظر: تفسير القرطبي (12/ 179)، فتح الباري (5/ 255).
(8)
انظر: الدر المنثور (1/ 428 - 429).
(9)
انظر: إعلام الموقعين (3/ 15).