الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل العلم أنه لا يُطلب اليمين على المنكِر؛ لعدم المخالف.
ولعل من حكى الإجماع في المسألة أراد الإجماع في حيث العموم، واللَّه تعالى أعلم.
[29/ 1] تجوز الشهادة بالحد ولو لم يُدعى الشاهد للشهادة
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب الحد، وكان لشخص آخر شهادة بتلك الجريمة، فإنه يجوز للشاهد أن يدلي بشهادته، ولو لم يُطلب ذلك منه، فيذهب للحاكم ويقول: أشهد على فلان أنه ارتكب الحد الفلاني، فأَحضرْه ليُقر بذلك.
ويتبيَّن مما سبق أن المراد هنا تقرير أن للشاهد أن يشهد بالحد ولو لم يُدع لذلك، أما هل الأفضل الشهادة أو الستر، فمسألة أخرى.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ): "تجوز الشهادة بالحد من غير مدع، لا نعلم فيه اختلافًا"(1)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(2).
وقال ابن قاسم (1392 هـ): "وتجوز الشهادة بالحد من غير مدع، بلا خلاف"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية في غير حد القذف (6).
(1) المغني (9/ 70).
(2)
الشرح الكبير (10/ 602).
(3)
حاشية الروض المربع (7/ 328).
(4)
انظر: تبيين الحقائق (4/ 208)، نصب الراية (5/ 70)، العناية شرح الهداية (7/ 367).
(5)
انظر: المنتقى شرح الموطأ (5/ 188)، تبصرة الحكام (1/ 246)، شرح مختصر خليل (7/ 187).
(6)
انظر: أسنى المطالب (4/ 354)، مغني المحتاج (6/ 360)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 324).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن أبا بكرة رضي الله عنه (1) وأصحابه شهدوا على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بزنا، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه، ومن غير تقدم دعوى، ولم ينكر عمر عليهم شهادتهم لكونها من غير تقدم دعوى (2).
الدليل الثاني: أن الجارود -سيد عبد القيس- (3)، شهد على قدامة بن مظعون رضي الله عنه (4) بشرب الخمر، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه، ولم ينكر عليه عمر شهادته لكونه لم يتقدمه دعوى (5).
(1) هو أبو بكرة الثقفي الطائفي، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه نُفَيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة، وقيل: نفيع بن مسروح وبه جزم ابن سعد، وكان أبو بكرة ينكر أنه ولد الحارث، ويقول: أنا نفيع بن مسروح، وهو أخو زياد لأمه، مشهور بكنيته، تدلى في حصار الطائف ببكرة، وفرَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم على يده، وأعلمه أنه عبد فأعتقه، وكناه بأبي بكرة، اعتزل الفريقين في وقعة الجمل، مات سنة (51) هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 3/ 5، تهذيب التهذيب 10/ 418، الإصابة 3/ 571.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 497)، وعبد الرزاق في "المصنف"(7/ 384)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 507)، البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(7/ 376)، وفي "السنن الصغرى"(4/ 142)، وفي "السنن الكبرى"(8/ 235)، وأصله في البخاري (2/ 936) حيث قال:"باب: شهادة القاذف والزاني والسارق. . . وجلد عمر أبا بكرة، وشبل بن معبد، ونافعًا؛ بقذف المغيرة، ثم استتابهم، وقال: من تاب قبلت شهادته".
(3)
هو أبو المنذر، واختلف في اسم أبيه، فقيل: الجارود بن المعلى وقيل: جارود بن عمرو بن المعلى العبدي، وقيل غير ذلك، كان نصرانيًا، وفد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سنة عشر في وفد عبد القيس، فأسلم، مات بأرض فارس. انظر: الاستيعاب 1/ 262، السيرة النبوية لابن كثير 5/ 270، أسد الغابة 1/ 165.
(4)
هو أبو عمرو، قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي، من السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة مع أخويه عثمان وعبد اللَّه ابني مظعون، وشهد بدرًا وسائر المشاهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، استعمله عمر بن الخطاب على البحرين، ومات سنة (36 هـ). انظر: الاستيعاب 3/ 1277، أسد الغابة 1/ 908.
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(9/ 240)، أبو نعيم في "الحلية"(9/ 15)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(5/ 560)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 315)، وأصله في =