الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجع الشهود عن شهادتهم فقد تناقض كلامهم، وصار غير معتبر، ولم يبق ما يوجب الحد (1).
• المخالفون للإجماع: حكي عن أبي ثور أنه إن أدَّى شهادته، فليس له الرجوع فيها، ولو رجع لم يُقبل رجوعه (2).
• دليل المخالف: أنها شهادة قد أدَّاها الشاهد وقُبلت، فلا تبطل إلا بدليل شرعي، ولا يبطلها رجوع الشاهد (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم، وخلاف أبي ثور هو من قبيل الشاذ، كما وصفه بذلك الموفق ابن قدامة بقوله:"وحكي عن أبي ثور أنه شذ عن أهل العلم وقال: يحكم بها؛ لأن الشهادة قد أديت، فلا تبطل برجوع من شهد بها"(4)، واللَّه تعالى أعلم.
[101/ 2] إن شهدوا على رجل بالزنا وقالوا تعمدنا النظر إلى فرجيهما للتلذذ لا تقبل شهادتهم
.
• المراد بالمسألة: إذا شهد أربعة على شخص بما يوجب حد الزنا، وقالوا في شهادتهم بأنهم تعمَّدوا النظر إلى فرجيهما بقصد التلذذ، فحينئذٍ ترد شهادتهم، ولا تقبل.
ويتبيَّن مما سبق أنهما لو تعمَّدا النظر لغير قصد التلذذ وإنما لأجل إثبات الشهادة، أو نحو ذلك فهو غير مراد.
• من نقل الإجماع: قال ابن الهمام (861 هـ): "لو قالوا: تعمدنا النظر للتلذذ لا تقبل إجماعًا"(5) ونقله عنه دامان (6). وقال ابن نجيم (970 هـ): "لو قالوا:
(1) انظر: العناية شرح الهداية (7/ 478)، نصب الراية (5/ 105)، أسنى المطالب (4/ 381).
(2)
انظر: المغني (10/ 223).
(3)
انظر: المغني (10/ 223).
(4)
المغني (10/ 223).
(5)
فتح القدير (5/ 298).
(6)
انظر: مجمع الأنهر (1/ 601).
تعمدنا النظر للتلذذ لا تقبل شهادتهم إجماعًا" (1) ونقله البدر العيني (2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع المالكية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن الشهود لا بد أن يكونوا عدولًا، وإذا تعمد الشهود النظر إلى فرجيهما بقصد التلذّذ دل ذلك على فسقهما، وشهادة الفاسق مردودة بالاتفاق (5).
• المخالف للإجماع: ذكر بعض الفقهاء أن من نظر إلى الزانيين بقصد التلذذ فإن ذلك لا يرُد شهادتهم مطلقًا، وإنما يُنظر في حالهم، فإن لم يتكرر منهم ذلك الفعل، وكان غالب حالهم الطاعة قبلت شهادتهم. وبه قال بعض الشافعية (6).
• دليل المخالف: أن النظر للزانيين من صغائر الذنوب، فإن لم يصر عليها الشاهد، وكان مجتنبًا للكبائر، فإنه يكون من العدول (7).
(1) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 27).
(2)
انظر: البناية شرح الهداية (6/ 345).
(3)
انظر: شرح مختصر خليل (8/ 468)، التاج والإكليل (8/ 207).
(4)
انظر: إعانة الطالبين (4/ 298)، تحفة المحتاج (10/ 246)، أما مذهب الحنابلة فإنهم - حسب بحثي - لم يُصرِّحوا برد شهادة من تعمَّد النظر بقصد التلذذ، وإنما يذكرون أنه يجوز للشاهد النظر إلى فرج الزانيين ويقيدون إباحة النظر بقصد أداء الشهادة.
حتى أن الحجاوي لما أراد أن يذكر مسألة النظر بقصد التلذذ ذكر كلام الماوردي الشافعي، ولم يذكر كلامًا لأحد من فقهاء الحنابلة، وهو يدل على أنهم لم ينصُّوا على المسألة بعينها، واللَّه أعلم. انظر: المغني (9/ 65)، الإقناع (2/ 284)، الشرح الكبير (10/ 197)، كشاف القناع (6/ 100)، مطالب أولي النهى (6/ 190)، دقائق أولي النهى (3/ 349).
(5)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 27)، وقد سبق بيان تحقيق الإجماع على عدم قبول شهادة الفاسق في الحدود، مع بيان الأدلة، ونصوص أهل العلم في ذلك في المسألة رقم 89 بعنوان:"يشترط في إقامة حد الزنا بموجب الشهادة أن يكون الشهود عدولًا".
(6)
انظر: الإقناع في حل ألفاظ متن أبي شجاع (2/ 638).
(7)
انظر: الإقناع في حل ألفاظ متن أبي شجاع (2/ 638).