الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (أن تزاني حليلة جارك) متفق عليه (1).
الدليل الثاني: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) متفق عليه (2).
الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل (3) مستكبر) (4).
الدليل الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يا رسول اللَّه وما هن؟ قال: (الشرك باللَّه، والسحر، وقتل النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المومنات الغافلات) متفق عليه (5).
والأدلة في ذلك كثيرة يطول استقصاؤها، وفيما ذُكر كفاية في تحصيل المقصود، واللَّه أعلم.
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، بل إن تحريمه مما اتفقت عليه جميع الملل السابقة.
[61/ 2] الزنا أعظم من أن يكفَّر
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص فاحشة الزنا، فإن كفارة إثم ما فعله
(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4207)، ومسلم رقم (86).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6484)، ومسلم رقم (1676).
(3)
العائل: هو الفقير الذي يحتاج لمن يعوله ويكفله، وذكر ابن فارس العين والياء واللام أصل يدل على الفاقة والحاجة. انظر: تهذيب اللغة (3/ 126)، مقاييس اللغة (4/ 198)، شرح النووي (2/ 117)، غريب الحديث للخطابي (1/ 98).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (107).
(5)
أخرجه البخاري رقم (2615)، ومسلم رقم (89).
يكون بالتوبة أو إقامة الحد عليه، ولا توجد في الشريعة كفارة محدّدة من صيام أو إطعام أو عتق أو غير ذلك، تُزيل عنه إثم الزنا، كما هو الحال في كفارة اليمين، والظهار، والجماع في نهار رمضان.
ويتبيَّن من ذلك أن المراد هو: أنه ليس ثمة كفارة محدَّدة من قبل الشرع على معصية الزنا، أما مسألة كون الحسنات يُذهبن السيئات، وأن مطلق الأعمال الصالحة تُكفِّر الذنب، فهذه مسألة أخرى غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "اتفقوا كلهم على أن الزنا أعظم من أن يُكفَّر"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} (5).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أوجب على الزاني إقامة الحد عليه، ولم يذكر في ذلك كفارة تُسقط عنه إثم المعصية.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي اللَّه تعالى عنهما أنهما قالا: "إن رجلًا من الأعراب أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه أنشدك اللَّه إلا قضيت لي بكتاب اللَّه، فقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه-: نعم فاقض بيننا بكتاب اللَّه وائذن لي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(قل) قال: إن ابني
(1) مجموع الفتاوى (34/ 139).
(2)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 173).
(3)
انظر: المنتقى شرح الموطأ (7/ 137).
(4)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (278).
(5)
سورة النور، آية (2).