الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لزمنا أن نحكم فيهم بحكم الإسلام" يقال له حكم الإسلام عندك أن لا رجم على الكافر لعدم إحصانه، فكيف تقول إن رجمهم بحكم الإسلام مع اشتراطه الإسلام في الإحصان"(1).
وابن حجر حيث قال: "وقد ذهل ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الإحصان الموجب للرجم الإسلام، ورُدَّ عليه بأن الشافعية وأحمد لا يشترطان ذلك"(2).
وكذلك الشوكاني فقال: "قد بالغ ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الإحصان الموجب للرجم هو الإسلام، وتُعقَّب بأن الشافعي وأحمد لا يشترطان ذلك"(3).
فلعلَّ حكاية ابن عبد البر للإجماع وهْم وذهول منه كما وصفه بذلك ابن حجر، واللَّه تعالى أعلم.
[120/ 2] التسري لا يحصل به إحصان للسيد، ولا إحصان للأمة
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف التسري: التسرَّي هو اتخاذ الأمة للاستمتاع بها. واختلف في أصل هذه التسمية على قولين: الأول: أصله السُّرِّيَّةُ، من السِّر، فهو مأخوذ من السِّر وهو الجماع؛ لأن المقصود من التسرَّي هو الاستمتاع بالجماع.
الثاني: أصله تسرَّرْتُ، من السرور، فأبدلوا من إحدى الراءات ياء، فهو مأخوذ من السرور، لأن الأمة تسر المستمتع بها (4).
(1) طرح التثريب (8/ 5).
(2)
فتح الباري (12/ 170).
(3)
نيل الأوطار (7/ 112).
(4)
انظر: الصحاح (7/ 225)، الحاوي الكبير (9/ 188)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (100)، معجم لغة الفقهاء (180).
• ثانيًا: بيان الصورة للمسألة: سبق أن من ارتكب ما يوجب الحد، فإن من شرط كونه محصنًا ليقام عليه حد الرجم أن يكون قد وطئ في نكاح صحيح، وهاتان المسألتان هما أمثلة لتخلُّف هذا الشرط، فمن وطئ أمته فإنه لا يكون محصنًا، لأنه لم يطأها في نكاح، وكذا المرأة المملوكة التي وطئها سيدها الحر فلا تصير محصنة بوطء سيدها لها.
وينبَّه هنا إلى أن من وطئ أمة هي زوجته فإنه غير داخل في مسألة الباب.
وكذا ينبَّه إلى أن إتيان المملوك سيدته الحرة غير مراد في المسألة.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (628 هـ): "ولا نعلم خلافًا في أن التسري لا يحصل به الإحصان لواحد منهما"(1)، وبمثله قال بهاء الدين المقدسي (624 هـ)(2)، وشمس الدين ابن قدامة (628 هـ) (3). وقال الزركشي (773 هـ) في بيان شروط الإحصان:"أن يكون بنكاح، فلا إحصان الواطئ بشبهة، أو ملك يمين، ونحو ذلك، إجماعًا"(4). وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ) في شروط الإحصان: "أن تكون في نكاح ولا خلاف أن وطء الزنا والشبهة لا يصير به الواطئ محصنًا، وأن التسري لا يحصل به الإحصان"(5).
وقال المطيعي (1404 هـ): "ولا نعلم بينهم خلافًا في أن التسرى لا يحصل
(1) المغني (9/ 41)، وقال أيضًا في "الكافي في فقه ابن حنبل" (4/ 209) ضمن شروط الإحصان:"كون الوطء في نكاح، فلو وطئ بشبهة، أو زنى، أو تسرية: لم يصر محصنًا؛ للإجماع"
(2)
العدة شرح العمدة (543).
(3)
الشرح الكبير (10/ 159).
(4)
شرح الزركشي على الخرقي (2/ 418).
(5)
المبدع (9/ 62)، باختصار يسير، وممن حكى الإجماع أيضًا ابن ضويان في "منار السبيل" (2/ 326) حيث قال:"ولا نعلم بينهم خلافًا في أن التسري لا يحصل به الإحصان لواحد منهما".
به الإحصان لواحد منهما" (1).
ويضاف إلى ذلك النقولات التي سبقت في مسألة: "يشترط للإحصان النكاح"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (3)، والمالكية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن التسري ليس بنكاح، ولا تثبت فيه أحكام النكاح، وقد تقرر الإجماع أن النكاح من شروط الإحصان (5).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن من وُطئت في نكاح صحيح وهي أمة، ثم أُعتقت فإنها تكون محصنة، ولو لم توطأ بعد عِتقها.
وهو قول للشافعية خلاف الأصح عندهم (6).
وثمة قول أن الأمة حُكمها حكم الأحرار، فيجب عليها الرجم إن زنت، والحرية ليست بشرط في الإحصان.
وبه قال أبو ثور إلا أن يمنع منه إجماع (7).
النتيجة:
يظهر مما سبق أن ثمة مسألتان: المسألة الأولى: أن التسري لا يصير به السيد محصنًا، فهذه محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف.
(1) المجموع (20/ 14).
(2)
انظر: المسألة رقم 117 بعنوان "يشترط للإحصان النكاح، وأن يكون النكاح صحيحًا، وأن يطأ في النكاح الصحيح".
(3)
انظر: المبسوط (9/ 39)، تبيين الحقائق (3/ 172)، العناية شرح الهداية (5/ 236).
(4)
انظر: التاج والإكليل (8/ 395)، مواهب الجليل (6/ 294)، حاشية الدسوقي (4/ 321).
(5)
انظر: المسألة رقم 117 بعنوان: "يشترط للإحصان النكاح، وأن يكون النكاح صحيحًا، وأن يطأ في النكاح الصحيح".
(6)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 181 - 182)، نهاية المحتاج (7/ 427).
(7)
انظر: المحلى (12/ 181)، المغني (9/ 42).