الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: استدل من أوجب الحد في المسألة بان هذه اللفظ هي في الحقيقة من باب نفي الابن عن أبيه، وهذا موجب للحد كما سبق بيان أدلته في المسألة السابقة.
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ بل حكي الإجماع على خلافها، كما هو في المسألة السابقة، ولذا لمَّا ذكر الزيلعي هذا القول تعقَّبه متعجَّبًا له بقوله:"ومن أين هذا الإجماع؟ ! "(1)، وكذا تعقَّبه ابن الهمام بأن المذهب قد قرر الحد في هذه المسألة (2)، واللَّه تعالى أعلم
[158/ 3] من قال لامرأة "يا زاني" وجب عليه الحد
.
• المراد بالمسألة: الأصل في قذف المرأة أن يقال لها يا زانية، فإذا قذف الرجل المرأة بلفظ المذكَّر بأن قال لها:"يا زاني" فإنه يُعتبر قذفًا يجب به الحد.
ويتبيَّن مما سبق أن المسألة في قذف المرأة بلفظ المذكَّر، أما إن قَذف الرجل بلفظ المؤنث بأن قال للرجل "يا زانية" فهذه مسألة أخرى محل خلاف وغير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال السرخسي (483 هـ): "ولو قال لامرأة يا زان فعليه الحد بالاتفاق"(3). وقال الكاساني (587 هـ): "حتى لو قال لامرأة: يا زاني يجب الحد بالإجماع"(4).
وقال ابن القطان (628 هـ): "وأجمعوا أن من قال لامرأته: يا زان، أنه يُحد لها"(5). وقال القرطبي (671 هـ): "واتفقوا أنه إذا قال لامرأته يا زان أنه قذف"(6).
وقال أبو بكر العبادي (800 هـ): "ولو قال لامرأة يا زاني بغير الهاء فإنه
(1) انظر: تبيين الحقائق (3/ 16).
(2)
انظر: فتح القدير (4/ 181).
(3)
المبسوط (9/ 114).
(4)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7/ 45.
(5)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 249).
(6)
تفسير القرطبي (12/ 191).
يحد بالإجماع" (1). وقال ابن فراموز (885 هـ): "ولو قال لامرأة يا زاني حد: هذا بالاتفاق" (2). وقال الحطاب (954 هـ) (3): "واتفقوا على أنه إذا قال لامرأة يا زان أنه قذف" (4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الشافعية (5)، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن القاذف قد أتى باللفظ الصريح للقذف، وإنما حذف هاء التأنيث، وهذه الهاء قد تحذف في استعمالها للنساء كالحائض والطالق والحامل ونحو ذلك (7).
الدليل الثاني: أن حذف الهاء للمؤنث سائغ في لغة العرب، وهو من باب الترخيم (8).
الدليل الثالث: لأن الأصل في الكلام التذكير، وإلحاق هاء التأنيث إنما هو للفصل بين المذكر والمؤنث، والفصل هنا حاصل بالإشارة فلا يخرج بإسقاط حرف التأنيث من أن يكون قذفًا، وهو كقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} (9)، وقوله تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (10)، فحذفت الهاء
(1) الجوهرة النيرة (2/ 160).
(2)
درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 73).
(3)
هو أبو عبد اللَّه، محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى، المعروف بالحطاب، فقيه، مالكي، من علماء المتصوفين، من كتبه:"قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين"، و"تحرير الكلام في مسائل الالتزام"، مات سنة (954 هـ). انظر: الأعلام للزركلي 7/ 58.
(4)
مواهب الجليل (6/ 304).
(5)
انظر: نهاية المحتاج (7/ 103)، المجموع (20/ 61).
(6)
المغني (9/ 83)، الفروع (6/ 88)، الإنصاف (10/ 213).
(7)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 45).
(8)
انظر: المبسوط (9/ 114)، البحر الرائق (5/ 33).
(9)
سورة الممتحنة، آية (12).
(10)
سورة يوسف، آية (30).