الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إن لم تتحقق الغصة وعدم التحايل فالمسألة ليست محل إجماع، لخلاف بعض المالكية، واللَّه تعالى أعلم.
[231/ 4] لا بأس بالفقاع
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف الفقاع: الفقاع هو شراب يتخذ من الشعير أو القمح أو نحو ذلك، وليس بمُسكر، وسُمي بالفقاع لما يعلوه من الفقاعات، خاصة إذا رُجَّ ثم فتح سداد كوزه فيزيد خروج الفقاعات منه (1).
ثانيًا: المراد بالمسألة: العصائر من شراب الشعير أو القمح أو غيره مما لا يُسكر قليله وكثيره، يباح شربها، ولو كان لها فقاعات في أعلاها، فإن هذا لا يؤثر في حلِّها.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ): "ولا بأس بالفقاع، وبه قال إسحاق، وابن المنذر، ولا أعلم فيه خلافا"(2) ونقله عنه شمس الدين ابن قدامة (3). وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ): "ولا بأس بالفقاع: أي يباح، ولا أعلم ليه خلافًا"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا ننبذ
(1) انظر: التاج والإكليل (4/ 350 - 351).
(2)
المغني (9/ 144).
(3)
الشرح الكبير (10/ 342).
(4)
المبدع (9/ 107).
(5)
انظر: الجوهرة النيرة (2/ 166)، الفتاوى الهندية (2/ 176).
(6)
انظر: مواهب الجليل (3/ 232)، شرح مختصر خليل (3/ 28).
(7)
انظر: الحاوي الكبير (17/ 185)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 207).
(8)
انظر: المحلى (1/ 189).
لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سقاء يوكَى أعلاه (1) وله عَزْلاء (2) ننبذه غدوة فيشربه عشاء، وننبذه عشاء فيشربه غدوة" (3).
• وجه الدلالة: الحديث صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب النبيذ قبل أن يصير مُسكرًا، والفقاع هو كذلك، فإنه كالنبيذ (4).
الدليل الثاني: قول أنس بن مالك رضي الله عنه حين سئل عن الفقاع: "إذا لم يُسكر فلا بأس"(5).
الدليل الثالث: أن الفقاع لا يُسكِر، وإذا طالت مدته فإنه لا يصير خمرًا، وإنما يفسد نهائيًا، لا يصلح خمرًا ولا غيره (6).
الدليل الرابع: أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الدليل على النهي، على مقتضى قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (7)، والفقاع ليس فيه دليل على النهي عنه؛ لأنه ليس من المسكرات، فيبقى على عموم الإباحة (8).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى المنع من الفقاع.
وهو قول للمالكية (9)، وقول للحنابلة (10).
(1) الوِكاء: هو رباط القربة، والفِعل منه: أوْكى يُوْكي إيْكاءَ، أى ربط وفم القربة. انظر: المحيط في اللغة (6/ 355)، تاج العروس (40/ 241).
(2)
قال النووي في "شرح مسلم"(13/ 176): "وله عزلاء: هي بفتح العين المهملة وإسكان الزاي وبالمد، وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة والقربة".
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2005).
(4)
انظر: الحاوي الكبير (17/ 185).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه.
(6)
انظر: كشاف القناع (6/ 120)، المبدع (9/ 107).
(7)
سورة البقرة، آية (29).
(8)
انظر: المغني (9/ 144).
(9)
انظر: التاج والإكليل (4/ 350).
(10)
انظر: المبدع (9/ 107)، الإنصاف (10/ 238).