الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث: أن اللَّه تعالى أوجب القضاء في الحدود بالبينة أو الشهود، وفي الشهود لا بد من أربعة في الزنا، أو اثنان في غيره، ولا يوجد نص على استثناء ذلك، بقبول الشهادة مع اليمين (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[45/ 1] يشترط في إقامة الحد بموجب الإقرار أن يكون المقر بالغًا
.
• المراد بالمسألة: إذا أقر شخص غير بالغ على نفسه بأنه ارتكب ما يوجب الحد، فإنه لا يقام عليه الحد بموجب الإقرار، لأن إقرار الصبي على نفسه غير مقبول.
وينبَّه إلى أن المراد عدم إقامة الحد عليه بموجب الإقرار، أما الأمور المتعلقة بغير الحد فغير مرادة، فمن أقر على نفسه بسرقة مال معيَّن فإنه لا يقام عليه حد السرقة، أما ما يتعلق بالمال الذي أقر بسرقته فمسألة أخرى غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال الموفق ابن قدامة (620 هـ): "أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد، وصحة الإقرار"(2)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (4)، والمالكية (5)،
(1) انظر: المغني (10/ 157)، الشرح الكبير (12/ 92)، أما ما رواه مسلم في صحيحه رقم (1712) من حديث عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بيمين والشاهد، فهو فيما يتعلق بالأموال كما في رواية أبي داود في سننه رقم (3609) بعد ذكر الحديث:"قال عمرو: في الحقوق".
(2)
المغني (9/ 61).
(3)
الشرح الكبير (10/ 119).
(4)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 49)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 3)، العناية شرح الهداية (8/ 324).
(5)
انظر: شرح مختصر خليل (6/ 87)، الفواكه الدواني (2/ 246)، حاشية الدسوقي (3/ 397).
والشافعية (1).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(2).
وفي رواية عند أحمد بلفظ: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ. . .) الحديث (3)، وعند أبي داود بلفظ:(وعن الصبي حتى يبلغ)(4).
• وجه الدلالة: دلالة الحديث ظاهرة على أن البلوغ شرط للتكليف، وأن الصبي مرفوع عنه القلم فلا يؤاخذ بالعقوبات الشرعية المتعلقة بحق اللَّه تعالى.
الدليل الثاني: أنه إذا سقط التكليف عن الصبي في العبادات، والمآثم في المعاصي، فلأن يسقط عنه الحد بإقراره من باب أولى، لأن الحدود مبناها على الدرء والإسقاط (5).
الدليل الثالث: أن سبب عقوبة الحد لا بد أن تكون جناية محضة، وفعل الصبي حتى لو ثبت بإقراره فإنه لا يوصف بالجناية المحضة، فلا حد عليه لعدم الجناية منه (6).
الدليل الرابع: أن أهل العلم أجمعوا على أنه لا يقام على الصبي حد، فقبول إقراره لا فائدة منه (7).
(1) انظر: الأم (3/ 240)، أسنى المطالب (2/ 288)، تحفة المحتاج (5/ 355).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403)، من حديث علي رضي الله عنه.
(3)
أخرجه أحمد (2/ 254).
(4)
أخرجه أبو داود (4402).
(5)
انظر: الشرح الكبير (10/ 119).
(6)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).
(7)
انظر: المسألة رقم 34 بعنوان: "البلوغ شرط لوجوب الحدود".