الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصالح التي لا بد منها ولا يجوز الإخلال بها (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم، بل الخلاف فيها مشهور بين فقهاء المذاهب الأربعة، ولذا لما ذكر القرطبي المسألة قال:"والجمهور من العلماء على أن الحدود تقام في الحرم"(2).
وتوجيه ما حكاه ابن حزم وابن القيم أنهما إنما نفوا المخالف في المسألة من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين، وإلا فهم مثبتون لخلاف من بعدهم، واللَّه تعالى أعلم.
[16/ 1] إذا اجتمع في شخص حدود خالصة للَّه تعالى من أجناس مختلفة ليس فيها قتل، فإن جميعها يستوفى
• المراد بالمسألة: إذا ثبت عند الإمام أن ثمة شخص عليه أكثر من حد، وليس فيها ما يوجب القتل، كان يثبت عليه حد شرب المسكر، والزنا وهو غير محصن، والسرقة، فإنه يستوفى لكل معصية حدها، فيجلد حد الزاني غير المحصن، ويُجلد حد شارب الخمر، وتقطع يده للسرقة.
ويظهر مما سبق أنه لو كان عليه ضمن تلك الحدود ما يوجب القتل، كالردة أو الحرابة، أو زنى المحصن، فذلك غير مراد في المسألة.
وكذا لو كان الحد قد تعدَّد لكنه من جنس واحد، كان يسرق مرارًا، أو يشرب الخمر مرارًا، فكل ذلك غير مراد (3).
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ) في معرض كلامه على أنواع الحدود: "النوع الثاني: أن لا يكون فيها قتل، فإن جميعها يستوفى من غير خلاف نعلمه"(4). وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(5)، وإبراهيم ابن
(1) انظر: المغني (9/ 92).
(2)
تفسير القرطبي (4/ 141).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 56)، المحلى (12/ 26).
(4)
المغني (9/ 132).
(5)
الشرح الكبير (10/ 141).
مفلح (884 هـ)(1) ونقله عن ابن مفلح ابن قاسم (2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أنه لو حُد في واحد من الحدود، ربما اعتقد أنه لا حد للباقي، فلا ينزجر عنها، لذلك تقام عليه كلها (5).
الدليل الثاني: لأن مقصود حد كل جنس يختلف عن الجنس الآخر، فإن المقصود من حد الخمر صيانة العقول، والمقصود من حد الزنا صيانة الأنساب، ومن حد القذف صيانة الأعراض، وقد ثبت كل واحد بنص خاص به، فلو جعلنا لكل هذه الحدود حدًا واحدًا عطلنا نصًا من النصوص عن موجبه (6).
الدليل الثالث: أن في إقامة حد واحد عليها كلها تعطيل لبعض النصوص عما يوجبها (7).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الحد إن اتحد موجَبه فإن الحد يتداخل، فمثلًا لو ثبت على شخص غير محصن حد الزنا، وحد شرب الخمر، فإنه يكفيه حد واحد، لأن موجب الحد واحد، وهو الجلد.
وهو مذهب المالكية (8).
• دليل المخالف: استدل المالكية لقولهم بأن الحدود التي اتحد موجبها تتداخل قياسًا على من زنى مرارًا قبل أن يُحد، أو سرق مرارًا قبل أن يحد، فإنه
(1) المبدع شرح المقنع (9/ 49).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 311).
(3)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 207)، البحر الرائق (5/ 42)، رد المحتار على الدر المختار (4/ 51).
(4)
انظر: أسنى المطالب (4/ 158)، تحفة المحتاج (9/ 165)، الغرر البهية لزكريا الأنصاري (4/ 302).
(5)
انظر: الاختيار لتعليل المختار للموصلي (4/ 96).
(6)
انظر: فتح القدير (5/ 341).
(7)
انظر: فتح القدير (5/ 341).
(8)
انظر: حاشية الدسوقي (4/ 347)، شرح مختصر خليل (8/ 104).