الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(قل) قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، وإني أُخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب اللَّه: الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها)، قال: فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجمت" متفق عليه (1).
• وجه الدلالة: الحديث ظاهر في المسألة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برجم المرأة لكونها محصنة، وجلد الرجل لكونه غير محصن (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[115/ 56] يشترط للإحصان البلوغ والعقل
.
صورة المسألة الأولى: إذا ارتكب شخص مُحصن ما يوجب حد الزنا، وكان ذلك الشخص قد وطئ في نكاح صحيح قبل بلوغه، ولم يفعل ذلك بعد البلوغ، فإنه لا يُقام عليه حد المحصن المقرر بالرجم، سواء فعل زناه قبل بلوغه أو بعده؛ لأن من شرط الإحصان أن يطأ في نكاح صحيح وهو بالغ.
صورة المسألة الثانية: وكذا لو وطئ في نكاح صحيح وهو غير عاقل، فإنه لا يقام عليه حد المحصن، سواء كان زناه حال جنونه أو إفاقته، لأن من شرط الإحصان أن يطأ في نكاح صحيح وهو عاقل.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "لا يثبت عند الجميع لصبي
(1) أخرجه البخاري رقم (2549)، ومسلم رقم (1697).
(2)
انظر: كشاف القناع (6/ 93).
ولا مجنون إحصان" (1). وقال الكاساني (587 هـ): "أما إحصان الرجم فهو عبارة في الشرع عن اجتماع صفات اعتبرها الشرع لوجوب الرجم، وهي سبعة: العقل، والبلوغ، والحرية، والإسلام، والنكاح الصحيح، وكون الزوجين جميعًا على هذه الصفات. . . ولا خلاف في هذه الجملة إلا في الإسلام" (2).
وقال ابن القطان (628 هـ): "لا يثبت عند الجميع إحصان لصبي ولا مجنون"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الشافعية في الأصح (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(6).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى رفع القلم عن الصغير حتى يبلغ، ومن رُفع عنه القلم فإنه لا يؤاخذ فيما يتعلق بحقوق اللَّه تعالى.
الدليل الثاني: أنه إذا سقط التكليف عن الصغير في العبادات والمآثم في المعاصي فلأن يسقط الحد الذي مبناه على الدرء والإسقاط أولى (7).
الدليل الثالث: لأن الحد عقوبة محضة فتستدعي جناية محضة، وفعل
(1) الاستذكار (7/ 484).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 37 - 38).
(3)
الإقناع (2/ 255).
(4)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 181 - 182)، نهاية المحتاج (7/ 427).
(5)
انظر: المغني (9/ 41)، الشرح الكبير (10/ 160) شرح الزركشي (2/ 418).
(6)
أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403).
(7)
انظر: الشرح الكبير (10/ 119).
الصبي لا يوصف بالجناية فلا حد عليه لعدم الجناية منه (1).
الدليل الرابع: أن الإحصان يكون بوجود الكمال في الوطء، بأن يطأ في نكاح صحيح في القبل وهو حر، والعقل والبلوغ من صفات الكمال، فلا يحصل الإحصان إلا بالوطء حال البلوغ والعقل (2).
• المخالفون للإجماع: ذهب الشافعية في خلاف الأصح إلى أن من وطئ في نكاح صحيح وهو غير بالغ، فإنه يكون محصنًا (3).
• دليل المخالف: استدل من اعتبر الوطء قبل البلوغ بحصول الإحصان إذا بلغ أن الوطء قبل البلوغ وطء كامل يتحقق به تمام اللذة بدليل أنه يحصل به تحليل الزوجة المطلَّقة ثلاثًا لزوجها الأول، فيحصل به الإحصان (4).
النتيجة:
المسألة الأولى: يشترط للإحصان البلوغ: هذه على قسمين:
القسم الأول: من وطئ في نكاح صحيح وهو غير بالغ، ثم زنى قبل البلوغ، فهذا غير محصن، ولا يُقام عليه حد المحصن بلا خلاف (5).
القسم الثاني: من وطئ في نكاح صحيح وهو غير بالغ، ثم زنى وهو بالغ، فهذا القول بأنه غير محصن ليس محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الشافعية في خلاف الأصح عندهم.
المسألة الثانية: يشترط للإحصان العقل: هذه محل إجماع بين أهل العلم في أن من وطئ في نكاح صحيح وهو غير عاقل، فإنه لا حد عليه سواء كان زناه حال جنونه أو إفاقته؛ لعدم المخالف.
(1) انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).
(2)
نهاية المحتاج (7/ 247).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 181 - 182)، نهاية المحتاج (7/ 427).
(4)
انظر: المغني (9/ 41).
(5)
وهذا داخل في مسألة أن من شرط إقامة الحد البلوغ، وقد سبق بيانها في المسائل العامة في الحدود برقم 35 تحت عنوان:"البلوغ شرط لوجوب الحدود".