الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني: لأنه إذا علم التحريم كان الواجب عليه الامتناع عن فعل المعصية (1).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[23/ 1] أحكام المسلمين في الحدود على وتيرة واحدة
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب الحد، وثبت ذلك عند الإمام، فإنه يقام عليه الحد، ويُعامل معاملة غيره من المسلمين، فلا يسقط الحد، أو يخفف عن أحد من المسلمين لأجل نسبه، أو جاهه، أو منصبه، أو غير ذلك، كما أنه لا يزاد على أحد في حده لأجل تلك الأمور.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "فقد ثبت أن القرشي كغير القرشي في أن يقتل إذا وجب عليه القتل صبرًا، كما يقتل غيره، وأن الحدود تقام عليه، كما تقام على غير قرشي، ولا فرق، مع أن هذا أمر مجمع عليه بيقين لا شك فيه"(2).
وقال القرطبي (656 هـ) عند كلامه على حديث: (إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)(3): "تهديد، ووعيد شديد على ترك القيام بالحدود، وعلى ترك التسوية فيما بين الدنيء والشريف، والقوي والضعيف، ولا خلاف في وجوب ذلك"(4).
وقال ابن تيمية (728 هـ): "فلا يفضل عربي على عجمي ولا قرشي، أو هاشمي على غيره من المسلمين ولا حر أصلي على مولى عتيق ولا عالم، أو
(1) انظر: أسنى المطالب (1/ 180).
(2)
المحلى (12/ 431).
(3)
سيأتي ذكر الحديث بتمامه وتخريجه في ذكر مستند الإجماع للمسألة.
(4)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (7/ 212)
أمير على أمي، أو مأمور، وهذا متفق عليه بين المسلمين بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية وحكام اليهود" (1).
وقال أبو العباس الهنتاتي (833 هـ)(2): "بلا فرق أن يكون الجاني بدويًا، أو أعرابيًا، أو حضريًا، ببلاد قريبة من الحواضر، أو بعيدة عنها، لأن الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن أحكام المسلمين في هذه الجنايات على وتيرة واحدة"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الاتفاق الحنفية (4)، والشافعية (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "أن قريشًا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتي بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلون وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:(أتشفع في حد من حدود اللَّه)؟ فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول اللَّه، فلما كان العشي، قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاختطب فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت
(1) مجموع الفتاوى (28/ 376).
(2)
هو أبو العباس، أحمد الشماع الهنتاتي، وهو من أصل مغربي، فقيه، قاض مالكي، من كتبه:"مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام"، مات سنة (833 هـ). انظر: مقدمة مطالع التمام 1/ 1.
(3)
مطالع التمام للهنتاتي (161).
(4)
انظر: البحر الرائق (5/ 2)، رد المحتار على الدر المختار (4/ 81).
(5)
انظر: الحاوي الكبير (13/ 88)، أسنى المطالب (4/ 131).