الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (1)
الدليل الثالث: قول اللَّه تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)} (2).
• وجه الدلالة: في الآيات الثلاث نص على اشتراط أربعة شهود في الزنا.
الدليل الرابع: عن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو وجدتُ مع امرأتي رجلًا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: (نعم)(3).
• وجه الدلالة: أن جواب النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة رضي الله عنه يدل على اشتراط العدد في إثبات الزنا.
الدليل الخامس: أن الزنا من أغلظ الفواحش فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر (4).
الدليل السادس: أن الزنا لا يكون إلا من اثنين فصارت الشهادة عليه كالشهادة على فعلين (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[88/ 29] يشترط في إقامة حد الزنا بموجب الشهادة أن يكون الشهود رجالًا
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب حد الزنا، وثبت عليه الحد بموجب شهادة الشهود، فإن من شرط الشهود أن يكونوا رجالًا، ولا تقبل فيه شهادة النساء.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "فأجمع العلماء أن البينة في الزنا أربعة شهداء رجال عدول يشهدون بالصريح من الزنا لا بالكناية وبالرؤية
(1) سورة النور، آية (4).
(2)
سورة النور، آية (13).
(3)
أخرجه مسلم رقم (1488)، وأصله عند البخاري رقم (6454).
(4)
انظر: مغني المحتاج (6/ 367).
(5)
انظر: مغني المحتاج (6/ 367).
كذلك والمعاينة" (1). وقال السمرقندي (450 هـ): "ولا تقبل فيها (2) شهادة النساء مع الرجال بلا خلاف" (3).
وقال البيهقي (458 هـ): "لم أعلم أحدًا من أهل العلم خالف في أن لا يجوز في الزنا إلا الرجال"(4). وقال ابن العربي (543 هـ) عند تفسير قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (5): "قوله تعالى: {مِنْكُمْ} المراد به ها هنا الذكور دون الإناث؛ لأنه سبحانه ذكر أولًا {مِنْ نِسَائِكُمْ} ثم قال: {مِنْكُمْ} فاقتضى ذلك أن يكون الشاهد غير المشهود عليه، ولا خلاف في ذلك بين الأمة"(6). وقال ابن هبيرة (560 هـ): "واتفقوا على أن البيِّنة التي يثبت بها الزنا أن يشهد له أربعة عدول رجال ويصفون حقيقة الزنا"(7).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "فإن المسلمين اتفقوا على أنه لا يثبت الزنا بأقل من أربعة عدول ذكور"(8)، ونقله عنه ابن قاسم (9). وقال ابن قدامة (620 هـ):"أن يكونوا رجالًا كلهم ولا تقبل فيه شهادة النساء بحال ولا نعلم فيه خلافًا. . . ولا خلاف في أن الأربعة إذا كان بعضهم نساء أنه لا يكتفى بهم"(10)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(11).
(1) الاستذكار (7/ 485).
(2)
يريد البينة وهي الشهادة على الزنا حيث قال قبلها "أما البينة فشهادة أربعة رجال عدول أحرار مسلمين على الزنا، ولا تقبل فيها. . . إلخ".
(3)
تحفة الفقهاء للسمرقندي (3/ 140).
(4)
معرفة السنن والآثار (7/ 378).
(5)
سورة النساء، آية (15).
(6)
أحكام القرآن (1/ 460).
(7)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 254).
(8)
بداية المجتهد (2/ 381).
(9)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 606).
(10)
المغني (9/ 64).
(11)
الشرح الكبير (10/ 195).
وقال القرطبي (671 هـ) عند تفسير قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (1): "ولا بد أن يكون الشهود ذكورًا؛ لقوله: {مِنْكُمْ} ولا خلاف فيه بين الأمة"(2). وقال النووي (676 هـ): "أجمعوا على أن البينة أربعة شهداء ذكور عدول، هذا إذا شهدوا على نفس الزنا، ولا يقبل دون الأربعة"(3).
وقال ابن القيم (751 هـ): "الحكم بأربعة رجال أحرار، وذلك في حد الزنا واللواط، أما الزنا فبالنص والإجماع"(4) ونقله عنه ابن قاسم (5). وقال المرداوي (885 هـ): "فلا يقبل فيه إلا شهادة أربعة رجال أحرار بلا نزاع"(6).
وقال الشوكاني (1250 هـ) في بيان بيِّنة الشهود في الزنا: "أي شهادة أربعة شهود ذكور بالإجماع"(7). وقال الشنقيطي (1393 هـ): "وأجمع العلماء أن بينة الزنا، لا يقبل فيها أقل من أربعة عدول ذكور"(8).
ويمكن أن يضاف إليها النقولات التي ذكرت في منع قبول شهادة النساء في الحدود (9).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (10).
• وجه الدلالة: أنه سبحانه ذكر أولًا {مِنْ نِسَائِكُمْ} فجعل المشهود عليه من الإناث، ثم قال:{مِنْكُمْ} أي من الرجال، لأن الآية تقتضي أن يكون
(1) سورة النساء، آية (15).
(2)
تفسير القرطبي (5/ 84).
(3)
شرح مسلم (11/ 192).
(4)
الطرق الحكمية (137).
(5)
حاشية الروض المربع (7/ 606).
(6)
الإنصاف (12/ 78).
(7)
نيل الأوطار (7/ 126).
(8)
أضواء البيان (5/ 373).
(9)
انظر: المسألة رقم 36 بعنوان: "لا تقبل شهادة النساء في الحدود".
(10)
سورة النساء، آية (15).
الشاهد غير المشهود عليه (1).
الدليل الثاني: قول اللَّه تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى ذكر أن المرأة عرضة للنسيان والضلال في أداء الشهادة، وهذا فيه شبهة تدرأ به الحد (3).
ويضاف إلى ذلك الأدلة التي سبقت في منع قبول شهادة النساء في الحدود (4).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى جواز شهادة النساء في حد الزنا، والمرأتان تقومان مقام الرجل، وهو مروي عن عطاء، وحماد.
وإليه ذهب ابن حزم فقال: "ولا يقبل في سائر الحقوق كلها من الحدود، والدماء، وما فيه القصاص، والنكاح، والطلاق، والرجعة، والأموال، إلا رجلان مسلمان عدلان، أو رجلان وامرأتان كذلك، أو أربع نسوة كذلك"(5).
• دليل المخالف: الدليل الأول: القياس على الأموال، فكما تُقبل شهادة النساء في الأموال، فكذا الحدود (6)
الدليل الثاني: أن الأصل استواء الرجال والنساء في الأحكام، ولا يوجد نص صريح صحيح يخرج النساء عن قبول شهادتهن في الحدود.
(1) انظر: أحكام القرآن (1/ 460)، تفسير القرطبي (5/ 84)، المغني (10/ 169).
(2)
سورة البقرة، آية (282).
(3)
انظر: المغني (9/ 65)، الشرح الكبير (10/ 195).
(4)
وقد سبق بيان الأدلة على عدم قبول شهادة النساء في الحدود في المسألة رقم 36 بعنوان: "لا تقبل شهادة النساء في الحدود".
(5)
المحلى (8/ 476).
(6)
انظر: الحاوي الكبير (17/ 12).