الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع العامة في التعزير
[262/ 5] الإجماع منعقد على جملة التعزير
.
• المراد بالمسألة: الشريعة جاءت بعقوبات مقدَّرة على معاص مختلفة، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وجعل جملة من المعاصي ليس فيها حد، ولا كفارة، وإنما جعل الأمر فيها راجع إلى ما يراه الإمام مصلحة في نوع العقوبة في ذلك، وهو التعزير، فيعزِّر الإمام في هذه المعاصي بما يراه، وهذا جائز للإمام بالإجماع في الجملة، أي مع بعض الخلاف في نوع العقوبة الجائزة من الممنوعة، أما أصل التعزير فهو جائز.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا على أن للإمام أن يُعزّرَ في بعض الأشياء"(1). وقال ابن القيم (751 هـ): "اتفق العلماء على أن التعزير مشروع في كل معصية، ليس فيها حد"(2). وقال الزيلعي (743 هـ): "التعزير. . . وهو مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة"(3).
وقال ابن المرتضى (840 هـ): "والتعزير بمعنى التعظيم. . . والإجماع منعقد على جملته"(4).
وقال ابن الهمام (861 هـ): "شرعية التعزيز وأجمع عليه الصحابة -رضى اللَّه عنهم-"(5).
وقال الخطيب الشربيني (977 هـ): "والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ. . .} (6) الآية (7).
(1) الإجماع (115)، وانظر: الإشراف (3/ 22).
(2)
الطرق الحكمية (93).
(3)
تبيين الحقائق (3/ 207).
(4)
البحر الزخار (6/ 211).
(5)
فتح القدير (5/ 345).
(6)
سورة النساء، آية (34).
(7)
مغني المحتاج (5/ 523).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع المالكية (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (3).
الدليل الثاني: عن جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة:(ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح)(4).
• وجه الدلالة: أن اللَّه أباح للزوج ضرب زوجته عند نشوزها عن طاعته، وهذا من باب التعزير والتأديب، وهذا إذا شُرع في حق الزوج لولايته عليها، فجوازه للإمام من باب أولى بموجب ولايته العامة (5).
الدليل الثالث: أن جملة من المعاصي يحتاج الإمام إلى ردع الناس عنها، ولا يمكن ذلك إلا بعقوبتهم، فإن كانت المعصية ليس فيها حد مقَّدر كان من لوازم الاستقرار أن يطبِّق الإمام ما يراه رادعًا للناس عن ذلك.
الدليل الرابع: تتابع المسلمون على العمل بالتعزير من غير نكير، كما قال ابن القيم:"وقد فعله الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من الأئمة"(6).
(1) انظر: الذخيرة (12/ 118)، بلغة المسالك لأقرب المسالك (4/ 503).
(2)
انظر: المحلى (12/ 378).
(3)
سورة النساء، آية (34).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1218).
(5)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 207)، مغني المحتاج (5/ 523).
(6)
إعلام الموقعين (2/ 75)، وقد ذكر في إغاثة اللهفان (1/ 331) جملة من التعازير التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الخلفاء بعده، فقال: "الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة، فشرع التعزير بالقتل لمدمن الخمر في المرة الرابعة، وعزم على التعزير بتحريق البيوت على المتخلف عن حضور الجماعة لولا ما منعه من تعدي العقوبة إلى غير من يستحقها من النساء والذرية، وعزر بحرمان النصيب المستحق من السلب، وأخبر عن تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر ماله، وعزر =