الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: الدليل الأول: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلًا؟ فقال: (لا)(1).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا طلحة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا قال: (أهرقوها)، قال أفلا أجعلها خلًا؟ قال:(لا)(2).
• وجه الدلالة: الأحاديث السابقة فيها النهي عن جعل الخمر خلًا، وهو عام سواء تخلل بنفسه أو بفعل فاعل (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الحنابلة في قول، وسحنون من المالكية، وقد أشار لعدم الإجماع النووي حيث قال:"أما إذا انقلبت بنفسها خلا فتطهر عند جمهور العلماء"(4)، فنسب القول للجمهور، وكذا ذكر الصنعاني المسألة على أنها خلافية (5).
ومن نقل الإجماع لعله لم يبلغه الخلاف في المسألة، أو لم يعتبر قول المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[230/ 4] جواز شرب الخمر لدفع الغُصة
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف الغصة: الغُصة -بضم الغين- هي ما اعترض في الحلق من طعام، وجمعه غُصص.
قال ابن فارس: "الغين والصاد ليس فيه إلَّا الغَصَص بالطَّعام"(6).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1983).
(2)
أخرجه أحمد (19/ 226)، وأبو داود رقم (3675).
والحديث صححه جمع من أهل العلم منهم ابن الملقن في "البدر المنير"(6/ 630)، والألباني في "مشكاة المصابيح"(3/ 3649).
(3)
انظر: شرح السنة (8/ 33)، معالم السنن (4/ 263).
(4)
المجموع (2/ 596).
(5)
انظر: سبل السلام (1/ 47).
(6)
مقاييس اللغة (4/ 306)، وانظر: العين (4/ 342)، تهذيب اللغة (8/ 8)، تاج العروس (18/ 55)، معجم الفقهاء (332).
ثانيًا: صورة المسألة: إذا غص الإنسان بلقمة في حلقه ولم يتمكن من بلعها أو إخراجها إلا بشرب الخمر، فيجوز له في هذه الحال شرب الخمر بقدر ما تندفع به غصته.
ويتبين من ذلك أمور ثلاثة: الأول: أن شرب ما زاد على دفع الغصة غير مراد. الثاني: أن شرب الخمر لضرورة غير الغصة، كعطش، أو للتداوي غير مراد. الثالث: إن كان يستطيع دفع الغصة بغير الخمر، فالمسألة غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن هبيرة (560 هـ): "واتفقوا على أن من غص بلقمة وخاف الموت ولم يجد ما يدفعها به سوى الخمر، فإنه يجوز أن يدفعها بها"(1). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "فأما شربها لدفع الغصة فيجوز، كما يجوز أكل الميتة في حال المخمصة، ولا نعلم في ذلك خلافًا"(2).
وقال النووي (676 هـ): "لو غص بلقمة ولم يجد شيئًا يسيغها به إلا الخمر، فله إساغتها به بلا خلاف، نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب وغيرهم"(3).
وقال ابن تيمية (728 هـ): "وكذلك الخمر يباح لدفع الغصة بالاتفاق"(4).
وقال ابن المرتضى (840 هـ): "من غص بلقمة ولم يجد ما يسوغها إلا الخمر، جاز له إجماعًا"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (6)، والمالكية (7)،
(1) الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 295).
(2)
الشرح الكبير (10/ 330).
(3)
المجموع شرح المهذب (9/ 56).
(4)
مجموع الفتاوى (14/ 471).
(5)
البحر الزخار (5/ 351).
(6)
بدائع الصنائع (5/ 113)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 389)، الفتاوى الهندية (5/ 412)،
(7)
انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (4/ 353)، مواهب الجليل (6/ 318)، شرح مختصر خليل (8/ 108).
والظاهرية (1).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أباح أكل المحرمات عند الضرورة، وشرب الخمر لدفع الغصة هو من باب الضرورة (3).
الدليل الثاني: لأنه يدفع به الضرر عن نفسه، فصار كما لو أكره على شربها (4).
الدليل الثالث: أن حفظ النفس من الضروريات الخمس التي حث عليه الشارع، وأباح المحرمات عند الضرورة لأجلها، وشرب الخمر لدفع الغصة فيه حماية وإنقاذ للنفس من الموت والهلاك (5).
• المخالف للإجماع: ثمة قول أن من غُص بالطعام فلا يحل له أن يُسيغها بالخمر، ولو لم يجد غيره. وهو قول للمالكية (6).
• دليل المخالف: استدل من منع إساغة اللقمة بالخمر بأن ذلك ذريعة لأن يدعي الشارب أنه يريد إساغة اللقمة، فيكون ذلك سبيلًا له لشرب الخمر وهو غير مضطر إليه (7).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم إذا تحققت الضرورة وانتفى التحايل، وعليه يُحمل قول من حكى الإجماع.
(1) انظر: المحلى (1/ 176).
(2)
سورة البقرة، آية (173).
(3)
انظر: المغني (9/ 137).
(4)
انظر: المجموع (9/ 43).
(5)
انظر: مغني المحتاج (5/ 518)، قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 93).
(6)
انظر: حاشية الدسوقي (4/ 352)، الفواكه الدواني (1/ 387)، منح الجليل (9/ 353).
(7)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 83).