الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: أن التسري لا تصير به الأمة محصنة، فهذه على قسمين: القسم الأول: الأمة التي وطئها سيدها ثم أُعتقت، فإن القول بأنها غير محصنة ليس محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن بعض الشافعية.
القسم الثاني: الأمة التي وطئها سيَّدها فإنها غير محصنة ما دامت مملوكة، وعدم إحصانها حينئذٍ محل إجماع بين أهل العلم، واللَّه تعالى أعلم.
[121/ 2] الزنا ووطء الشبهة لا يحصل بهما الإحصان
.
• المراد بالمسألة: سبق أن من ارتكب ما يوجب الحد، فإن من شروط كونه محصنًا ليقام عليه حد الرجم أن يكون قد وطئ في نكاح صحيح، وهاتان المسألتان هما أمثلة لتخلَّف هذا الشرط.
فمن وطئ امرأة ليست زوجته فانه لا يكون محصنًا؛ لأنه لم يطأها في نكاح.
وكذا وطء الشبهة كمن وطء في نكاح فاسد، أو وطء امرأة ظنها امرأته، فإنه لا يكون محصنًا.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا على أنه لا يكون الإحصان بالنكاح الفاسد، ولا بالشبهة"(1). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "قالوا جميعًا الوطء الفاسد لا يقع به إحصان"(2).
وقال ابن قدامة (628 هـ) في بيان شروط الإحصان: "أن يكون في نكاح. . . ولا خلاف بين أهل العلم في أن الزنا، ووطء الشبهة، لا يصير به الواطئ محصنًا"(3)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (628 هـ)(4).
(1) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 117).
(2)
الاستذكار (7/ 485).
(3)
المغني (9/ 41)، وقال أيضًا في "الكافي في فقه ابن حنبل" (4/ 209) ضمن شروط الإحصان:"كون الوطء في نكاح، فلو وطئ بشبهة، أو زنى، أو تسرية: لم يصر محصنًا؛ للإجماع".
(4)
الشرح الكبير (10/ 159).
وقال الزركشي (773 هـ) في بيان شروط الإحصان: "أن يكون بنكاح، فلا إحصان لواطئ بشبهة، أو ملك يمين، ونحو ذلك، إجماعًا"(1).
وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ) في شروط الإحصان: "أن تكون في نكاح. . . ولا خلاف أن وطء الزنا والشبهة لا يصير به الواطئ محصنًا"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع أن المعتبر في الإحصان هو الوطء على حال الكمال وتمام النعمة، وذلك إنما يكون بالوطء في نكاح صحيح (4).
ذهب بعض الفقهاء إلى أن من وطء في نكاح فاسد فإنه يكون محصنًا.
وهو قول أبي ثور، والليث، والأوزاعي (5).
• دليل المخالف: أن النكاح الفاسد أُعطي أحكام النكاح الصحيح في كثير من المسائل كوجوب المهر، والعدة، ولحوق الولد، وتحريم الربيبة، وغير ذلك، فكذا يُعطى حكمه في الإحصان (6).
النتيجة:
أما المسألة الأولى: أن الزاني لا يعتبر مُحصنًا، فهذا محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف.
وأما المسألة الثانية: أن وطء الشبهة لا يُعتبر به صاحبه محصنًا، فهذه ليست
(1) شرح الزركشي على الخرقي (2/ 418)، وقال أيضًا (2/ 418):"ما يحصل به الاحصان الذي يجب به الرجم بالزنا: وهو الإصابة، كأن يطأ الرجل المرأة في القبل، أو توطأ المرأة كذلك. . . وشترط في هذه الإصابة شروط: أحدها: أن تغيب الحشفة أو قدرها؛ إذ الأحكام إنما تترتب على ذلك، ولا تكفي الخلوة بلا خلاف".
(2)
المبدع (9/ 62).
(3)
انظر: المبسوط (9/ 39)، تبيين الحقائق (3/ 172)، العناية شرح الهداية (5/ 236).
(4)
انظر: الذخيرة (12/ 69).
(5)
انظر: المغني (9/ 41)، فتح الباري (12/ 117).
(6)
انظر: المغني (9/ 41)، الشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة (2/ 481)، فتح الباري (12/ 117).