الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[116/ 2] يشترط للإحصان الحرية
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب حد الزنا، وكان الزاني مملوكًا قد وَطئ في نكاح صحيح فإنه لا يُقام عليه حد الرجم، سواء كان زناه حال كونه مملوكًا، أو بعد عِتقه؛ لأن الرجم إنما يكون للمحصن، ومن الشروط الواجب توفرها في الشخص المحصن أن يكون وطئ في نكاح صحيح وهو حر.
وكذا الحكم في المرأة المملوكة، لا يُقام عليها حد الرجم إلا أن تكون وُطئت في نكاح صحيح وهي حرة.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "أما إحصان الرجم فهو عبارة في الشرع عن اجتماع صفات اعتبرها الشرع لوجوب الرجم، وهي سبعة: العقل، والبلوغ، والحرية، والإسلام، والنكاح الصحيح، وكون الزوجين جميعًا على هذه الصفات. . . ولا خلاف في هذه الجملة إلا في الإسلام"(1).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "الحرية وهي شرط في قول أهل العلم كلهم، إلا أبا ثور: قال العبد والأمة هما محصنان، يرجمان إذا زنيا، إلا أن يكون إجماع يخالف ذلك، وحكي عن الأوزاعي في العبد تحته حرة: هو محصن، يرجم إذا زنى، وإن كان تحته أمة: لم يرجم، وهذه أقوال تخالف النص والإجماع"(2)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (628 هـ)(3).
وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ) في شروط الإحصان: "الحرية في قول الجميع إلا أبا ثور. . . والرجم لا يتنصف، وإيجابه كله يخالف النص مع مخالفة الإجماع"(4).
(1) بدائع الصنائع (7/ 37 - 38).
(2)
المغني (9/ 42).
(3)
الشرح الكبير (10/ 160).
(4)
المبدع (9/ 62).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (1)، والشافعية (2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى في حق الإماء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (3).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى ذكر في عقاب الإماء أن عليهن نصف ما على الأحرار، ومعلوم أن الرجم لا يمكن تنصيفه، لأن الموت لا يتنصف، وذلك يدل على أنه لا رجم على الإماء، وأن الحرية شرط في الإحصان (4).
الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) متفق عليه (5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الأمة الزانية أن تُجلد، ولم يُفرق بين كونها محصنة أو غير محصنة (6).
• المخالفون للإجماع: المخالفون في المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول: أن العبد إذا تزوج بامرأة حرة، فإنه يكون محصنًا، وكذا المرأة المملوكة إذا تزوجت بحر، فإنها تكون محصنة، ويجب عليهما الرجم إذا زنيا.
وهذا قول مجاهد، والأوزاعي، وبه قال الظاهرية (7).
وأخرج ابن حزم في ذلك عن مجاهد قال: "قدمت المدينة وقد أجمعوا على عبد زنى، وقد أحصن بحرة، أنه يرجم، إلا عكرمة فإنه قال:
(1) انظر: المنتقى شرح الموطأ (3/ 331)، مواهب الجليل (6/ 295)، شرح مختصر خليل (8/ 81).
(2)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، تحفة المحتاج (9/ 108)، الغرر البهية (5/ 85).
(3)
سورة النساء، آية (25).
(4)
انظر: المغني (9/ 42).
(5)
أخرجه البخاري رقم (2045)، ومسلم رقم (1703).
(6)
انظر: شرح النووي (11/ 201).
(7)
انظر: المحلى (12/ 181)، المغني (9/ 42).
عليه نصف الحد" (1).
القول الثاني: أن العبد والأمة حكمهما حكم الأحرار، فيجب عليهما الرجم إن زنيا، والحرية ليست بشرط في الإحصان.
وبه قال أبو ثور إلا أن يمنع منه إجماع (2).
القول الثالث: أن من وَطئ أو وُطئت في نكاح صحيح وهو مملوك، ثم أُعتق فإنه يكون محصنًا بإعتاقه، ولو لم يطأ بعد عِتقه.
وهو قول للشافعية خلاف الأصح عندهم (3).
القول الرابع: أن الأمة لا يُقام عليها حد الرجم، أما العبد فيُقام عليه حد الرجم، فالحرية من شروط الإحصان في حق الأمة، وليس شرطًا في حق العبد.
وبه قال ابن حزم (4).
• دليل المخالف: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى في حق الإماء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (5).
الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فتبيَّن زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) متفق عليه (6).
وجه الدلالة من الآية والحديث: أن الآية والحديث نصَّا على الأَمة، فبقي العبد على الأصل من إقامة الحد عليه، ولو أراد اللَّه تعالى إلحاق العبد
(1) انظر: المحلى (12/ 181)
(2)
انظر: المحلى (12/ 181)، المغني (9/ 42).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 181 - 182)، نهاية المحتاج (7/ 427).
(4)
انظر: المحلى (12/ 181).
(5)
سورة النساء، آية (25).
(6)
أخرجه البخاري رقم (2045)، ومسلم رقم (1703).