الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث: أن الحد حق للَّه تعالى فلم تفتقر الشهادة به إلى تقدم دعوى (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب الشافعية إلى أن حد القذف لا يُقبل فيها شهادة الشاهد بدون دعوى، وتقبل في سائر الحدود (2).
• دليل المخالف: أن القذف فيه حق للمخلوق، فإذا لم يطالب المقذوف بحقه، فإنه لا يقام الحد على القاذف (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع فيما سوى حد القذف من الحدود، وليست محل إجماع بين أهل العلم فيما يتعلق بحد القذف؛ لثبوت الخلاف عن الشافعية.
ومن حكى الإجماع فلعله أراد ذلك من حيث العموم، واللَّه تعالى أعلم.
[30/ 1] من ارتكب الموجب للحد مرارًا قبل إقامة الحد عليه فعليه حد واحد
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب الحد من جنس واحد، كأن زنى أكثر من مرة، أو سرق أكثر من مرة، وفي كل مرة توفرت شروط الحد، وبعد عدة مرات ثبت زناه أو سرقته عند الحاكم، وأقر بالزنا أو السرقات في المرات السابقة، أو ثبت ذلك عليه ببيَّنة، فإنه لا يجب عليه إلا حدٌّ واحد.
ويُنبه إلى أمرين: الأول: لو زنى أو سرق ثم أقيم عليه الحد، ثم زنى أو سرق مرة أخرى فمسألة أخرى غير مرادة.
= البخاري (4/ 1473) عن الزهري قال: "أخبرني عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة وكان من أكبر بني عدي وكان أبوه شهد بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم: أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين وكان شهد بدرًا وهو خال عبد اللَّه بن عمر وحفصة رضي الله عنهم".
(1)
انظر: المغني (9/ 70).
(2)
انظر: أسنى المطالب (4/ 354)، مغني المحتاج (6/ 360)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 324).
(3)
انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 324).
الثاني: لو كانت الحدود ليست من جنس واحد، كأن زنى وسرق وشرب خمرًا قبل إقامة الحد عليه، فهذه حدود مختلفة ليست من جنس واحد، وهي غير مرادة هنا.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم"، نقله عنه ابن قدامة (1)، وشمس الدين ابن قدامة (2)، والبهوتي (3)، وبهاء الدين المقدسي (4).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "ما يوجب الحد من الزنا والسرقة والقذف وشرب الخمر، إذا تكرر قبل إقامة الحد، أجزأ حد واحد، بغير خلاف علمناه"(5).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "إن زنى أو سرق أو شرب مرارًا قبل إقامة الحد عليه أجزأ حد واحد بغير خلاف علمناه"(6).
وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ): "فإن كانت من جنس مثل إن زنى أو سرق أو شرب مرارًا أجزأ حد واحد، بغير خلاف علمناه"(7).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (8)، والمالكية (9)، وابن حزم (10).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن الحد لا يثبت بمجرد فعل ما يوجبه من زنى أو سرقة أو نحو ذلك، بل لا بد من إضافة شرط آخر وهو ثبوت ذلك عند
(1) المغني (9/ 56).
(2)
الشرح الكبير (10/ 141).
(3)
كشاف القناع (6/ 85).
(4)
العدة شرح العمدة (536).
(5)
المغني (9/ 56).
(6)
الشرح الكبير (10/ 141).
(7)
المبدع (9/ 54).
(8)
انظر: المبسوط (9/ 102)، العناية شرح الهداية (5/ 340)، البحر الرائق (5/ 42).
(9)
انظر: الاستذكار (4/ 143)، شرح الزرقاني على موطأ مالك (2/ 380).
(10)
انظر: المحلى (12/ 26 - 28).
الحاكم، أما إذا لم يثبت عند الحاكم فلا يلزمه الحد، وحينئذ فإن جميع ما فعله من الزنا وغيره مما يوجب الحد إذا لم تثبت عند الحاكم إلا مرة واحدة كان كزنى واحد، فوجب فيها حد واحد (1).
الدليل الثاني: القياس على الأيمان، فكما أن الأيمان تتداخل في كفاراتها، فكذا الحدود.
الدليل الثالث: أن المقصود من الحد هو الزجر والارتداع، وهذا يكون بالحد مرة واحدة (2).
• المخالفون للإجماع: القول الأول: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الحدود لا تتداخل، وعليه لكل زنى ارتكبه حد مستقل. وهو قول الظاهرية (3).
القول الثاني: أن الحدود تتداخل باستثناء حد السرقة، فعليه لكل سرقة اجتمعت فيه شروط القطع إقامة حد مستقل.
وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد حكاها عنه القاضي أبو يعلى الفراء، إلا أنه شرط أن يأتوا إلى الحاكم متفرقين (4).
• دليل المخالف: استدل من أوجب الحد لكل مرة ارتُكب فيها الموجب للحد بما يلي:
الدليل الأول: عموم النصوص الموجبة لإقامة الحد على الزاني أو السارق ونحوهما، وليس فيها التفريق بين كون الزنا حدث قبل إقامة الحد أو بعده (5).
الدليل الثاني: قياسًا على حد القذف، فكما أنه من قذف أكثر من شخص خد لكل شخص حد مستقل، فكذا سائر الحدود (6).
(1) انظر: الاستذكار (7/ 550)، المحلى (12/ 26).
(2)
المبدع (9/ 54)، البحر الرائق (5/ 42).
(3)
انظر: المحلى (12/ 26 - 28).
(4)
انظر: المغني (9/ 107).
(5)
انظر: المحلى (12/ 26).
(6)
انظر: المغني (9/ 107).