الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن الزنا الموجب للحد وجد منه في حال تكليفه، وإفاقته (4).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[79/ 2] المُسْتَكرَهة على الزنا لا حد عليها
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب حد الزنا، وكانت المرأة الموطوءة مُكرهة غير مطاوعة، وأثبتت ذلك ببينة أو شهود، فإنه لا يقام عليها الحد. ويُنبَّه هنا إلى أمرين:
الأول: أن المرأة إن ادعت أنها مُكرَهة ولم تُقم البيِّنة على ذلك فذلك غير مراد (5).
الثاني: المراد هنا المرأة المُكرَهة، أما إكراه الرجل فمسألة أخرى.
• من نقل الإجماع: قال الترمذي (279 هـ): "العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن ليس على المستكَرَهة حد"(6). وقال ابن بطال (449 هـ): "العلماء متفقون على أنه لا حد على امرأة مستكَرَهة"(7). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "ولا نعلم خلافًا بين العلماء أن المستكرهة لا حد عليها"(8).
(1) انظر: بدائع الصنائع (7/ 67)، تبيين الحقائق (3/ 183).
(2)
انظر: حاشية الدسوقي (4/ 313)، شرح مختصر خليل (8/ 75).
(3)
انظر: تحفة المحتاج (9/ 107)، أسنى المطالب (4/ 127).
(4)
المغني (9/ 62).
(5)
انظر: المدونة (4/ 550).
(6)
سنن الترمذي (4/ 55).
(7)
شرح صحيح البخاري (8/ 303).
(8)
الاستذكار (7/ 146)، وقال أيضًا:(7/ 511): "لا خلاف عليه علمته بين علماء السلف والخلف أن المكرهة على الزنا لا حد عليها، إذا صح إكراهها واغتصابها نفسه".
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "لا خلاف بين أهل الإسلام أن المستكرهة لا حد عليها"(1)، ونقله عنه ابن قاسم (2). وقال ابن قدامة (620 هـ):"لا يجب الحد على مكرهة على الزنا في قول عامة أهل العلم روي ذلك عن عمر، والزهري، وقتادة، والثوري (3)، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفًا"(4)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(5).
وقال القرطبي (671 هـ): "العلماء متفقون على أنه لا حد على امرأة مستكرهة"(6). وقال ابن الهمام (861 هـ) بعد أن ذكر حكم الرجل إذا أكره على الزنا والخلاف في وجوب الحد عليه من عدمه قال: "بخلاف إكراه المرأة على الزنا فإنه بالتمكين وليس مع التمكين دليل الطواعية فلا تحد إجماعًا"(7).
وقال الخرشي (1101 هـ): "المكرهة على الوطء لا حد عليها اتفاقًا"(8). وقال الزرقاني (1122 هـ): "ولا خلاف أنه لا حد عليها ولا عقوبة"(9).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الشافعية (10) والظاهرية (11).
(1) بداية المجتهد (2/ 361).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 322).
(3)
أبو عبد اللَّه، سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري، الكوفي، أحد الأئمة، المجتهد الفقيه، وأمير المؤمنين في الحديث، وكان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى والزهد والعبادة، وكان له مذهب متبوع في الفقه، وكان شديد الحفظ، ويقول عن نفسه:"ما استودعت قلبي شيئًا فخانني"، وهو من تابعي التابعين، وأخذ عنه العلم خلق كثير، ولد في الكوفة سنة (97) هـ، وتوفي بالبصرة سنة (161) هـ. انظر: تاريخ بغداد 9/ 151، التعديل والتجريح 3/ 1139، الجواهر المضية 1/ 250.
(4)
المغني (9/ 57).
(5)
الشرح الكبير (10/ 184).
(6)
تفسير القرطبي (10/ 185).
(7)
فتح القدير (5/ 273).
(8)
شرح مختصر خليل (8/ 80).
(9)
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (4/ 15).
(10)
انظر: الأم (3/ 264)، أسنى المطالب (4/ 127)، مغني المحتاج (5/ 444).
(11)
انظر: المحلى (7/ 205).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى عذر المُكره في الكفر، لمن باب أولى أن يكون معذورًا فيما يتعلق بالزنا الذي هو أخف من الكفر (2).
الدليل الثاني: قول اللَّه تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).
• وجه الدلالة: في الآية دلالة على أنه لا إثم على المكَرَهة على الزنا فيلزم أن لا يجب عليها الحد (4).
الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اللَّه تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)(5).
• وجه الدلالة: الحديث نص في عدم معاقبة المخطئ والناسي، والمُكرَه، وعدم لحوق الإثم بهم (6).
الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بامرأة أكْرهت على الزنا، فلم يُقم عليها الحد (7).
• وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم أسقط العقوبة عن المرأة المكرهة على الزنا.
(1) سورة النحل، الآية (106).
(2)
انظر: طرح التثريب (2/ 118).
(3)
سورة النور، الآية (33).
(4)
انظر: فتح الباري (12/ 321).
(5)
أخرجه ابن ماجه رقم (2045).
(6)
انظر: المغني (9/ 57).
(7)
أخرجه الترمذي رقم (1454)، وأبو داوود رقم (4379).