الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[188/ 3] يشترط لإقامة حد القذف أن يكون القاذف بالغًا عاقلًا
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف شخص آخر بالزنا، فلا يقام حد القذف إلا بتوفر وصفين: الوصف الأول: أن يكون عاقلًا يعي ما يقوله حين قذفه، فأما إن كان مجنونًا، أو في غير وعيه بحيث لا يدري ما يقوله كالنائم، والمغمى عليه، فإنه غير مؤاخذ بالقذف، ولا يقام عليه الحد بموجب قذفه.
ويتبيَّن من ذلك أن فاقد العقل كالمجنون إن كان يفيق أحيانًا ويفقد العقل أحيانًا، وكان قذفه حال وعيه، فذلك غير مراد (1).
وكذا السكران، كشارب الخمر ونحوه فقذفه غير مراد في المسألة (2).
الوصف الثاني: أن يكون بالغًا، فأما إن كان صبيًا لم يَبلغ فإنه لا يُقام عليه الحد.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "وأجمعوا أن الصبي إذا قذف امرأته، أنه لا يضرب، ولا يلاعن"(3). قال ابن حزم (456 هـ): "إجماعهم على أن من هذى فلا حد عليه ولو كفر، أو قذف"(4).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "فأما القاذف فإنهم اتفقوا على أن من شرطه وصفين، وهما البلوغ والعقل، وسواء أكان ذكرًا أو أنثى، حرًا أو عبدًا، مسلمًا أو غير مسلم"(5).
(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (4/ 36).
(2)
انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 135)، الشرح الكبير على متن المقنع (9/ 351).
(3)
انظر: الإجماع (85).
(4)
المحلى (12/ 264)، وقال أيضًا (12/ 262):"ولم يختلف أحد من الأمة في أن امرأً لو نطق بلفظ لا يدري معناه، وكان معناه كفرًا، أو قذفًا، أو طلاقًا، فإنه لا يؤاخذ بشيء من ذلك".
(5)
بداية المجتهد (2/ 362).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (1) والشافعية (2) والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(4).
• وجه الدلالة: الحديث ظاهر أن العقل والبلوغ شرطان للتكليف، وأن المجنون والصبي مرفوع عنهما القلم، فلا يؤاخذان بالعقوبات الشرعية لفقدان شرط العقل.
الدليل الثاني: أن الصبي والمجنون لا يُحد أحدهما إذا ارتكب ما يوجب حد الزنا، فمن باب أولى ألَّا يُحد إذا قذف شخصًا بالزنا، فإن ارتكاب الزنا أعظم من القذف به (5).
الدليل الثالث: أن الصبي والمجنون إذا سقط عنه التكليف في العبادات والمآثم في المعاصي؛ فلأن يسقط عنه الحد الذي مبناه على الدرء والإسقاط من باب أولى (6).
الدليل الرابع: أن الحد عقوبة محضة، فتستدعي جناية محضة، وفعل الصبي والمجنون لا يوصف بالجناية فلا حد عليه لعدم الجناية منه (7).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: المبسوط (30/ 164 - 165)، رد المحتار (4/ 51).
(2)
انظر: أسنى المطالب (4/ 136)، مغني المحتاج (5/ 460)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 135).
(3)
انظر: كشاف القناع (5/ 396)، الإنصاف (10/ 200).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403).
(5)
انظر: الحاوي في فقه الشافعي (13/ 256).
(6)
انظر: الشرح الكبير (10/ 119).
(7)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).