الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[249/ 4] حد شارب الخمر لا ينقص عن أربعين جلدة
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت عند الإمام على شخص ما يوجب حد شرب الخمر، فإن الإمام يجلده أربعين جلدة فما فوق، ولا يجوز له أن يجلده دون الأربعين.
والمراد هنا تقرر الإجماع أن شارب الخمر يُجلد أربعين جلدة، أما ما زاد عن الأربعين فهو موضع خلاف غير مراد في المسألة.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أن الحد أن يكون مقدار ضربه في ذلك أربعين، واختلفوا في إتمام الثمانين"(1).
قال ابن المرتضى (840 هـ): "ولا ينقص حده عن الأربعين إجماعًا"(2) ونقله عنه الشوكاني (3). وقال المطيعي (1404 هـ): "ولا ينقص حد الشرب عن الأربعين إجماعًا"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (5)، والمالكية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن حضين بن المنذر أبو ساسان قال: شهدتُ عثمان بن عفان رضي الله عنه وأُتي بالوليد بن عقبة رضي الله عنه قد صلى الصبح
(1) مراتب الإجماع (133).
(2)
البحر الزخار (5/ 195).
(3)
انظر: نيل الأوطار (7/ 169).
(4)
المجموع شرح المهذب (20/ 119).
(5)
انظر: المبسوط (24/ 30)، بدائع الصنائع (5/ 113).
(6)
انظر: التاج والإكليل (8/ 433)، الفواكه الدواني (2/ 212).
(7)
انظر: المغني (9/ 137)، الفروع (6/ 101).
وإنما وقع الخلاف في الزيادة على الأربعين، فذهب الشافعية، والحنابلة في رواية، والظاهرية إلى أن الجلد أربعون جلدة، وذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه ثمانون جلدة. انظر بالإضافة للمصادر السابقة: أسنى المطالب (4/ 160)، تحفة المحتاج (9/ 171)، المحلى (12/ 367).
ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان، أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أن رآه يتقيأ، فقال عثمان:"إنه لم يتقيأ حتى شربها"، فقال يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن:"ولِّ حارَّها من تولى قارَّها"، -فكأنه وجد عليه-، فقال يا عبد اللَّه بن جعفر، قم فاجلده، فجلده وعليٌّ يعُد، حتى بلغ أربعين، فقال: أمسِك، ثم قال:"جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحبُّ إليّ"(1).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر رضي الله عنه، فلما كان عمر رضي الله عنه استشار الناس، فقال عبد الرحمن رضي الله عنه: أخف الحدود ثمانين، فأمر به عمر رضي الله عنه"(2).
وفي رواية: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين"(3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن شارب الخمر يصح جلده دون الثمانين، على خلاف بينهم في موجب الجلد على قولين:
القول الأول: أن جلد شارب الخمر ليس من باب الحد، وإنما هو من باب التعازير (4).
القول الثاني: أن جلد شارب الخمر من باب الحد، لكن جلده ليس له
(1) أخرجه مسلم رقم (1707).
(2)
أخرجه مسلم رقم (1706).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1706).
(4)
وهنا يُنبَّه إلى أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أن جلد شارب الخمر من باب التعزير لكنهم، يرون وجوب جلد شارب الخمر بأربعين جلدة فما فوق، وهو قول الشيخ محمد بن عثيمين كما في "الشرح الممتع على زاد المستقنع"(14/ 295).
عدد معيَّن (1).
• دليل المخالف: استدل من أجاز جلد شارب الخمر أقل من أربعين جلدة بما يلي: الدليل الأول: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر؛ فإنه لو مات وديته؛ وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يسنَّه" متفق عليه (2).
وفي رواية للبيهقي بلفظ: "ما أحد يموت في حد فأجد في نفسي منه شيئًا؛ الحقُّ قَتَله"(3).
• وجه الدلالة: الحديث صريح في أن من جلد صاحب الخمر ثم مات من الجلد أن الجلاد يضمن التلف، وهو يدل على أن هذا الجلد غير مأذون به شرعًا.
الدليل الثاني: عن عقبة بن الحارث قال: "جيء بالنعيمان أو ابن النعيمان شاربًا فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من كان بالبيت أن يضربوه، قال: فكنت أنا فيمن ضربه، فضربناه بالنعال والجريد"(4).
الدليل الثالث: عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: "كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإمرة أبي بكر رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنه، فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر رضي الله عنه، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين"(5).
الدليل الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، قال:(اضربوه)، قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله،
(1) انظر: المحلى (12/ 356)، سبل السلام (2/ 444).
(2)
أخرجه البخاري رقم (6396)، ومسلم رقم (1707).
(3)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 123).
(4)
أخرجه البخاري رقم (2191).
(5)
أخرجه البخاري رقم (6397).